لست أنا ثعبانا ولكنّي ملك من ملائكة الله الكروبيّين غفلت عن ذكر ربّي طرفة عين فغضب عليّ ربّي ومسخني ثعبانا كما ترى وطردني من السماء إلى الأرض ، ولي منذ سنين كثيرة أقصد كريما على الله فأسأله أن يشفع لي عند ربّي عسى أن يرحمني ويعيدني ملكا كما كنت أوّلا إنّه على كلّ شيء قدير.
قال : فجعل النبيّ يقبّلهما حتّى استيقظا فجلسا على ركبتي النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقال لهما النبيّ : « انظروا يا ولديّ ، هذا ملك من ملائكة الله الكروبيّين قد غفل عن ذكر ربّه طرفة عين فجعله الله هكذا ، وأنا مستشفع بكما إلى الله تعالى فاشفعا له » ، فوثب الحسن والحسين عليهماالسلام فأسبغا الوضوء وصلّيا ركعتين ، وقالا : « اللهمّ بحقّ جدّنا الجليل الحبيب محمّد المصطفى ، وبأبينا عليّ المرتضى ، وبأمّنا فاطمة الزهراء إلاّ ما رددته إلى حالته الأولى » ، فما استتمّ دعاؤهما وإذا بجبرئيل قد نزل من السماء في رهط من الملائكة وبشّر ذلك الملك برضى الله عنه وبردّه إلى سيرته الأولى ، ثمّ ارتفعوا به إلى السماء وهم يسبّحون الله تعالى ، ثمّ رجع جبرئيل عليهالسلام إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله وهو متبسّم وقال : يا رسول الله ، إنّ ذلك الملك يفتخر على ملائكة السبع السماوات ويقول لهم : من مثلي وأنا في شفاعة السيّدين السبطين : الحسن والحسين عليهماالسلام (١).
ومنها : ما روي أنّ أعرابيّا أتى الرسول صلىاللهعليهوآله فقال له : يا رسول الله ، لقد صدت خشفة غزالة وأتيت بها إليك هديّة لولديك : الحسن والحسين ، فقبلها النبيّ صلىاللهعليهوآله ودعا له بالخير ، فإذا الحسن عليهالسلام واقف عند جدّه صلىاللهعليهوآله فرغب إليها فأعطاه إيّاها ، فما مضى ساعة إلاّ والحسين عليهالسلام قد أقبل فرأى الخشفة عند أخيه يلعب بها ، فقال : « يا أخي ، من أين لك هذه الخشفة؟ » فقال الحسن عليهالسلام : « أعطانيها جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله » ، فسار الحسين عليهالسلام مسرعا إلى جدّه فقال : « يا جدّاه ، أعطيت أخي خشفة يلعب بها ولم تعطني مثلها » ، وجعل يكرّر القول على جدّه وهو ساكت لكنّه
__________________
(١) المصدر السابق : ٣١٣ ـ ٣١٤ ، ذيل ح ٧٣.