يسلّي خاطره ويلاطفه بشيء من الكلام حتّى أفضى من أمر الحسين إلى أن همّ أن يبكي.
فبينما هو كذلك إذ نحن بصياح قد ارتفع عند باب المسجد ، فنظرنا فإذا ظبية ومعها خشفها ومن خلفها ذئبة تسوقها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وتضربها بأحد أطرافها حتّى أتت بها إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ثمّ نطقت الغزالة بلسان فصيح ، وقالت : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قد كانت لي خشفتان : إحداهما صادها الصيّاد وأتى بها إليك ، وبقيت لي هذه الاخرى وأنا بها مسرورة ، وإنّي كنت الآن أرضعها فسمعت قائلا يقول : اسرعي اسرعي يا غزالة ، بخشفك إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله وأوصليه سريعا ؛ لأنّ الحسين عليهالسلام واقف بين يدي جدّه وقد همّ أن يبكي والملائكة بأجمعهم قد رفعوا رءوسهم من صوامع العبادة ، ولو بكى الحسين عليهالسلام لبكت الملائكة المقرّبون لبكائه.
وسمعت أيضا قائلا يقول : أسرعي يا غزالة ، قبل جريان الدموع على خدّ الحسين عليهالسلام ، فإن لم تفعلي سلّطت عليك هذه الذئبة تأكلك مع خشفك ، فأتيت بخشفي إليك يا رسول الله ، وقطعت مسافة بعيدة ، لكن طويت لي الأرض حتّى أتيتك سريعة ، وأنا أحمد الله ربّي على أن جئتك قبل جريان دموع الحسين عليهالسلام على خدّه ، فارتفع التكبير والتهليل من الأصحاب ، ودعا النبيّ صلىاللهعليهوآله للغزالة بالخير والبركة ، وأخذ الحسين عليهالسلام الخشفة وأتى بها إلى أمّه الزهراء عليهاالسلام فسرّت به سرورا عظيما » (١).
على وفق ما انتخبت من « بحار الأنوار » وهي أيضا كثيرة :
منها : ما روي عن أبي خالد الكابلي قال : دعاني محمّد بن الحنفيّة بعد قتل
__________________
(١) « بحار الأنوار » ٤٣ : ٣١٢ ـ ٣١٣ ، ح ٧٣.