تعالى قبول الشفاعة عن الظالمين ، فلا تكون الشفاعة ثابتة في حقّ العصاة.
تقرير الجواب : أنّه تعالى نفى الشفيع الذي يطاع ، ونفي شفيع خاصّ لا يستلزم نفي الشفيع مطلقا.
( وباقي السمعيّات متأوّلة بالكفّار ) إشارة إلى جواب استدلالهم بمثل قوله تعالى : ( وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ ) (١) ، وقوله تعالى : ( يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) (٢) ، وقوله تعالى : ( فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ) (٣).
تقرير الجواب : أنّ هذه الآيات متأوّلة بتخصيصها بالكفّار ؛ جمعا بين الأدلّة ، على أنّا لا نسلّم العموم في الأزمان والأحوال ، وأنّ سوق الكلام لعموم السلب لا لسلب العموم. وأيضا الظالم على الإطلاق هو الكافر. ونفي النصرة لا يستلزم نفي الشفاعة ؛ لأنّها طلب على خضوع ، والنصرة ربما تنبئ عن مدافعة ومغالبة.
( وقيل في إسقاط المضارّ. والحقّ صدق الشفاعة فيهما ، وثبوت الثاني له صلىاللهعليهوآله بقوله : ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي (٤) ). ذهب طائفة إلى أنّ الشفاعة بالنسبة إلى العصاة في إسقاط المضارّ عنهم.
والحقّ عند المصنّف صدق الشفاعة فيهما ، أي في زيادة المنافع لهم وفي إسقاط المضارّ عنهم ؛ إذ يقال : يشفع فلان لفلان إذا طلب له زيادة منافع وإسقاط مضارّ.
أقول : وحينئذ يعود وجه الإبطال المذكور ، أعني لزوم كوننا شافعين للنبيّ صلىاللهعليهوآله .
ويمكن الجواب عنهما باعتبار زيادة قيد « فيهما » ، أعني كون الشفيع أعلى حالا من المشفوع له. ثمّ بيّن ثبوت الشفاعة بالمعنى الثاني للنبيّ صلىاللهعليهوآله بقوله صلىاللهعليهوآله : « ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي ».
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٧.
(٢) البقرة (٢) : ٤٨.
(٣) المدّثّر (٧٤) : ٤٨.
(٤) تقدّم في ص ٢٤٩ ، التعليقة ٢.