وجاء ابن الجهم ٢٨ ذلك المساء الخريفي الى منزل في المدينة جاء يحمل اسئلة العصر الجديد ، وقد سطع نجم المعتزلة في سماء الفكر حيث التفسير بالرأي والاستنادإلى الاعتبارات العقلية ٢٩ والاستنطاق الظاهري هو القاعدة.
الحجرة الطينية تفوح برائحة الأرض المرشوشة بمطر ربيعي ، وفي زاوية من الحجرة جلس علي بن موسى وقد أطلّ وجهه الاسمر الوضيء كقمر في ليلة صيفية ... وفي الحجرة رجال عديدون جاءوا من أصقاع متعددة وكل يحمل اسئلته واسئلة غيره.
ونظر الامام الى رجل قادم من الحدود مع الروم ، اعتدل الرجل في جلسته وسأل :
ـ قوم من العدوّ صالحوا ثم نقضوا الصلح ، فهاجمهم حرس الحدود ، وسبوا نساءهم وأطفالهم هل يجوز شراءهم؟
سأل الامام عن بواعث نقضهم الصلح :
ـ ولم نقضوا؟ أحقداً وعداءً للاسلام ، أم انهم ظُلموا وقُهروا فثاروا؟
« إن كان من عدو قد استبان عداوتهم فاشتر منه وإن كان قد نفروا وظُلموا فلا يباع من سبيهم » ٣٠.