تتجه القلوب في
اللحظات التي توشك فيها الأمواج أن تحطّم سفينة تائهة ... كلمات هادئة متضرعة
متوسلة الى الله :
ـ « يا من دلّني على نفسه ، وذلك قلبي
بتصديقه ... أسألك الأمن والايمان في الدنيا وفي الآخرة » .
دخلت فاطمة .. جلست قرب شقيقها تستشعر
الطمأنينة في عالم يموج بالرعب ، تتشرب الخير ، في عالم يعج بالشرور ...
يتألق في عينيها حزن مرير .. حزن يمتد
الى ربع قرن هو كل حياتها المفعمة بالحزن.
ما تزال تتذكر منذ عشرين سنة اللحظات
التي أخذوا فيها أباها الطيّب الى بغداد ... لم تره منذ ذلك الوقت ، هل تنسى
اللحظة التي فارقت أمها الحياة كانت ليلة شتائية أيضاً .. ليلة قارسة البرد لم تجد
فيها دفءً الا قرب شقيقها علي ..
وها هو علي في قلب الاعصار .. تماماً في
المنطقة الساكنة .. في النقطة المركزية حيث تنعدم الحركة الاعصارية.
وكانت فاطمة التي لم تجد كفئاً لها منذ
أمد بعيد .. ترنو الى الانسان الذي تشعر بحضرته انها أكثر قرباً من الملكوت .. ملكوت
السماوات البعيدة.