وعينيه اللتين تشعّان رحمة ويشوب نورهما حزن لا يعرف سرّه ، فيما سرد الوجوم بقية رجال الدولة وفي طليعتهم رئيس الوزراء الفضل بن سهل ونجله الفضل والقاضي يحيى بن أكثم ، وبشر بن المعمر وحماد بن النعمان.
نهض المأمون وبيده جلد غزال ملفوف بعناية فنشره ليقرأ ونهض الجميع إجلالاً :
ـ بسم الله الرحمن الرحيم ... « هذا كتاب كتبه عبدالله بن هارون الرشيد أمير المؤمنين لعلي بن موسى بن جعفر » ... لم يزل أمير المؤمنين منذ أن أفضت إليه الخلافة فاختبر بشاعة مذاقها وثقل محملها ... فأنصب بدنه وأسهر عينه ... مختاراً لولاية عهده ... في أهل بيته من ولد عبد الله بن العباس ، وعلي بن أبي طالب ... فكان خيرته في البيتين جميعاً : علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب » ٨٦.
وخشعت القلوب للأسماء المقدّسة في شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وكان المأمون يضغط على الكلمات لتكون واضحة مفهومة خاصّة عندما وصل المقطع الأخير :
ـ وسمّاه الرضا إذ كان رضا عند أمير المؤمنين