أما الامر الاول : إرادة التمتع بالنساء من الاستمتاع فلا ريب في ثبوته وقد تظافرت في ذلك الروايات عن الطريقين ، قال القرطبي : قال الجمهور المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الاسلام ، وقرأ ابن عباس ، وأبي ، وابن جبير فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن اجورهن (١) ، ومع ذلك فلا يلتفت إلى قول الحسن بأن المراد منها النكاح الدائم ، وأن الله لم يحل المتعة في كتابه ، ونسب هذا القول إلى مجاهد ، وابن عباس أيضا ، والروايات المروية عنهما أن الاية نزلت في المتعة تكذب هذه النسبة ، وعلى كل حال فإن استفاضة الروايات في ثبوت هذا النكاح وتشريعه تغنينا عن تكلف إثباته ، وعن إطالة الكلام فيه.
وأما الامر الثاني : تحريم نكاح المتعة بعد جوازه فهو ممنوع ، فإن ما يحتمل أن يعتمد عليه القائل بالنسخ هو أحد امور ، وجميعها لا يصلح لان يكون ناسخا ، وهي :
١ ـ إن ناسخها هو قوله تعالى :
« يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ٦٥ : ١ ».
ونسب ذلك إلى ابن عباس (٢) ولكن النسبة غير صحيحة ، فإنك ستعرف أن ابن عباس بقي مصرا على إباحة المتعة طيلة حياته.
والجواب عن ذلك ظاهر ، لان الالتزام بالنسخ إن كان لاجل أن عدد عدة
__________________
١ ـ تفسير القرطبي ج ٥ ص ١٣٠ ، وقال ابن كثير في تفسيره : وكان ابن عباس وابي بن كعب ، وسعيد بن جبير ، والسدي يقرأون فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن اجورهن فريضة.
٢ ـ الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ١٠٥.