بالعزة وعزة الشئ تقتضي المحافظة عليه من التغيير والضياع ، أما إرادة خصوص التناقض والكذب من لفظ الباطل في الاية الكريمة ، فلا يناسبها توصيف الكتاب بالعزة.
التحريف والسنة :
الدليل الثالث : أخبار الثقلين اللذين خلفهما النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أمته وأخبر أنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض ، وأمر الامة بالتمسك بهما ، وهما الكتاب والعترة. وهذه الاخبار متظافرة من طرق الفريقين (١) والاستدال بها على عدم التحريف في الكتاب يكون من ناحيتين :
الناحية الاولى : أن القول بالتحريف يستلزم عدم وجوب التمسك بالكتاب المنزل لضياعه على الامة بسبب وقوع التحريف ، ولكن وجوب التمسك بالكتاب باق إلى يوم القيام : لصريح أخبار الثقلين ، فيكون القول بالتحريف باطلا جزما.
وتوضيح ذلك :
أن هذه الروايات دلت على اقتران العترة بالكتاب ، وعلى أنهما باقيان في الناس إلى يوم القيامة ، فلا بد من وجود شخص يكون قرينا الكتاب ولا بد من وجود الكتاب ليكون قرينا للعترة ، حتى يردا على النبي الحوض ، وليكون التمسك بهما حفظا للامة عن الضلال ، كما يقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذه الحديث. ومن الضروري أن التمسك بالعترة إنما يكون بموالاتهم ، واتباع أوامرهم ونواهيهم والسير على هداهم ، وهذا شيء لا يتوقف على الاتصال بالامام ، والمخاطبة معه شفها ، فإن الوصول إلى الامام والمخاطبة معه لا يتيسر لجميع المكلفين في زمان
__________________
١ ـ تقدمت الاشارة إلى مصادر هذه الاخبار في ص ٢٦ من هذا الكتاب.