والمسلمون
في مقابل عدوهم ، وخافت صفيّة أن يكون ذلك الرجل عيناً لقومه بني قريظة يدلهم على ما يوصلهم إلى حصن النساء فقالت لحسان : يا حسان . إن هذا اليهودي كما ترى يطوف حول حصوننا واني والله ما آمنه أن يدل على عوراتنا من رواءنا ، ورسول الله في شغل عنا بمن أحاط به من المشركين ، فإنزل إليه واقتلهُ .
فقال
حسان : يغفر الله لك يا ابنة عبد المطلب . والله إنك لتعلمين أني لستُ بصاحب هذا الأمر .
قالت
صفية : فلما سمعت منه ذلك ويئست من خيره . شددت وسطي بثوب كان عليَّ وأخذت عموداً ونزلت إليه من الحصن فضربته بالعمود حتى قتلته . فلما فرغتُ منه رجعت إلى الحصن . وقلت له : يا حسان . إنزل إليه فاسلُبْهُ . فإنه لا يمنعني من سلبه إلا أنه رجل .
فقال
: ما لي بسلْبهِ من حاجة يا بنت عبد المطلب !
واستمر
الحصار مضروبا حول المدينة ، واستمر المؤمنون في ثباتهم وعزمهم مسلِّمينَ أمرهم إلى الله وإلى رسوله يحدوهم الأمل بالنصر كما وعدهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأنزل الله فيهم قوله : « وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ
الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ
وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا .
» .
وبينما
النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُفكّر في حلّ لتلك الأزمة وإذا بنعيم بن عامر بن مسعود ينسلُّ من بين الغزاة متوجهاً صوب النبي ليعلمه أنه آمن به وبرسالته دون أن يعرف به قومه ، قائلاً للنبي : مرْني بما شئت . وكان نعيم هذا مسموع الكلمة في قومه . وعلم النبي ذلك ، فرأى أن أفضل عمل يقوم به هو بث روح التفرقة في جيش المشركين وبذلك يضمن تمزيقه ، فقال له :
«
إنما أنت رجلٌ واحد ، فخذلْ عنا ما استطعت ، فإن الحرب خدْعةٌ . ! »
فخرج
نعيم حتى انتهى إلى بني قريظة وكان لهم نديماً من قبل ، فقال لهم : يا