بني قريظة ، لقد عرفتم ودي لكم وصلتي بكمْ . فقالوا : قل ما تريد ، فلست عندنا بمُتّهَمْ .
فقال لهم : إن قريشاً وغطفان ليسوا كأنتم ، البلدُ بلدكم وفيه أموالكم وأولادكم ونساؤكم ومن الصعب عليكم أن تتحولوا لغيره . ، أما قريش وغطفان فقد جاؤا لحرب محمّدٍ وتركوا نسائهم وأموالهم وأولادهم في بلدهم آمنين ، فان قُدِّرَ لهم أن يصيبوا محمداً وأصحابه فذاك ما يريدون ، وإن عجزوا رجعوا إلى بلادهم وخلُّوا بينكم وبينه ، ولا طاقة لكم به إنْ خلَا بكْم ، وأرى لكم أن لا تقاتلوا مع القوم إلا أن تأخذوا منهم رهْناً من أشرافهم يكونوا بأيديكم ، وعندها يضطرّون أن لا يتخلوا عنكم ويرجعوا إلى بلادهم .
واقتنعت قريظة بهذا الرأي وقالوا : أشرتَ بالصواب .
وأتى قريشاً فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه : قد عرفتم ودّي لكم وفراقي محمداً ، وقد بلغني أمر رأيتُ عليَّ حقاً أن أُبلغكموه فاكتموه عليّ . فقالوا : لك ذلك .
قال : بلغني أن معشر يهود قد ندِموا على ما صنعوا بينهم وبين محمّد ، وقد أرسلوا إليه بذلك وعرضوا عليه أن يأخذوا رجالاً منكم ومن غطفان ويسلّموه إياهم ليضرب أعناقهم ثم ينحازوا معه حتى يستأصلوكم ، فأجابهم هو لذلك ، فإن بعث إليكم اليهود يلتمسون منكم رهناً من رجالكم فلا تسلموا لهم أحداً .
وخرج إلى غطفان وقال : يا معشر غطفان أنتم أهلي وعشيرتي وأحبُّ الناس إلي ، ولا أراكم تتهموني في شيء . فقالوا : أنت لست بمتَّهم عندنا . ثم قال لهم ما قاله لقريش وحذَّرهم من اليهود وغدرهم بهم .
واستطاع أن يعبّىء نفوس قريش وغطفان بالشك والريب في يهود بني قريظة ، وبذلك مزَّق وحدتهم .
وارسلت
قريش وغطفان عكرمة بن أبي جهل ومعه جماعة إلى بني قريظة