وتوزع المشركون في ثلاث كتائب ، كتيبة أقبلت من فوق الوادي وقائدها ابن الأعور السلمي . وكتيبة من الجنب وقائدها عيينة بن حصن ، ووقف أبو سفيان ومن معه في كتيبة ازاء الناحية الثانية للخندق . وقد وصف الله سبحانه هذا المشهد وموقف المسلمين بقوله تعالى :
« إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا . »
وطال الحصار على المسلمين واستمر الخوف بهم ، وكان في الخندق ثغرة ضيقة مكنت ستة نفر من المشركين من عبوره وفيهم عمرو بن ود العامري وضرار بن الخطاب ونوفل بن عبد الله ، وحاول بقية فرسان قريش عبورها إلا أن علياً عليه السلام ، وبعض المسلمين رابطوا فيها وصدوهم عن ذلك .
وأقبل عمرو بن ود العامري يجول بفرسه داعياً الناس إلى المبارزة ، ولكن المسلمين تحاموه لما يعرفونه من شجاعته وشدة بأسه ، بل صاروا يرتعدون من الخوف ، إلا علي عليه السلام فانه لما سمعه يدعو إلى البراز ترك مكانه وجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له : أنا له يا رسول الله فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : اجلس انه عمرو بن ود !
وكرر عمرو النداء ، فلم يتحرك له أحد من المسلمين غير علي ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يأمره بالجلوس ، ليرى مقدار التضحية والبذل من المسلمين لا رغبةً بعلي عن المخاطر .
ولما رأى عمرو أن أحداً لا يجيبه ، جعل يتحداهم ويقول : أين جنتكم التي تزعمون أن من قتل منكم دخلها ، أفلا يبرز إلي أحد ، ثم أنشد :
ولقد بُححتُ من النداءِ |
|
بجَمْعِكم هل من مبارز |