الله . ثم ضربها ضربةً ثانية فتصدعت وخرج منها نفس البريق الأول ، وفي الضربة الثالثة تكسرت وظهر لها بريق أضاء ما وراء المدينة ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأشرقت نفسه الكبيرة للنصر المؤمل في النهاية ، ثم أخذ بيد سلمان وصعد خارج الخندق .
فقال له سلمان : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لقد رأيت شيئاً ما رأيته قط !
فالتفت رسول الله إلى القوم وقال : هل رأيتم ما يقول سلمان ؟
فقالوا : نعم يا رسول الله ، بأبينا أنت وأمنا ، لقد رأيناك تضرب ، فيخرج البرق كالموج ، فرأيناك تكبر فكبرنا ، ولم نر غير ذلك .
قال : صدقتم ، لقد أضاءت لي في البرقة الأولى قصور الحيرة ومدائن كسرى ، وأخبرني جبريل بأن أمتي ظاهرة عليها . ثم ضربت الثانية ، فأضاءت لي قصور الحمر من أرض الروم وأخبرني جبريل بأن أمتي ظاهرة عليها . ، وفي الضربة الثالثة أضاءت لي قصور صنعاء وأخبرني جبريل بأن أمتي ظاهرة عليها . ، فاستبشر المسلمون بذلك .
وأما المنافقون فحينما سمعوا ذلك قالوا : ألا تعجبون من محمد يحدثكم ويمنيكم ويخبركم بأنه يبصر من يثرب قصور الحيرة وصنعاء ومدائن كسرى وأنتم تحفرون خندقاً ليحول بينكم وبين أعدائكم ، وأحدنا اليوم لا يأمن أن يذهب لقضاء حاجته !
فنزلت الآية : « وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا . »
والذي زاد الطين بلة ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد عقد عهداً بينه وبين يهود بني قريظة وكان زعيمهم كعب بن أسد القرظي ، فدس إليه أبو سفيان حي بن أخطب لينقض العهد مع النبي ، وبعد حوار مثير وجدل بينهما نقض كعب العهد ـ فاشتد خوف المسلمين حيث أصبحوا وهم يواجهون عدوين داخلي ـ في نفس المدينة ـ وخارجي ، وهم الغزاة .