معنى البتة ، فما الفرق بين ان يقول قائل : ان حكم التمتع من طيبات الحياة لا يلائم هيئة النسك والعبادة من الناسك فيلزم تركه ، وبين ان يقول القائل : ان اباحة الاسترقاق لا تناسب وضع الدنيا الحاضرة القاضية بالحرية العامة فيلزم اهمالها ، أو ان اجراء الحدود مما لا تهضمه الانسانية الراقية اليوم ، والقوانين الجارية في العالم اليوم لا تقبله فيجب تعطيله؟!
وقد يفهم هذا المعنى من بعض الروايات في الباب كما في الدر المنثور : اخرج اسحق بن راعويه في مسنده ، واحمد عن الحسن : ان عمر بن الخطاب هم ان ينهي عن متعة الحج فقام إليه أبي بن كعب ، فقال : ليس ذلك لك قد نزل بها كتاب الله واعتمرنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنزل عمر.
* * *
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ـ ٢٠٤. وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ ـ ٢٠٥. وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ـ ٢٠٦. وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ـ٢٠٧.
( بيان )
تشتمل الآيات على تقسيم آخر للناس من حيث نتائج صفاتهم كما ان الآيات السابقة اعني قوله تعالى : فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا ( الخ ) ، تشتمل على تقسيم لهم غير ان تلك الآيات تقسمهم من حيث طلب الدنيا أو الآخرة ، وهذه الآيات تقسمهم من حيث النفاق والخلوص في الايمان فمناسبة الآيات مع آيات حج التمتع ظاهرة.
قوله تعالى : ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ( الخ ) اعجبه الشئ