على الاحياء على اكمل الوجوده ، ورؤية الكيفية لم يزد في ايمانه المطلوب منه شيئاً ، وانما أفادت أمراً لا يجب الايمان به .
ثم قال بعد كلام له طويل : ان الآية تدل على فضل ابراهيم عليهالسلام حيث أراه الله سبحانه ما سأله في الحال على أيسر ما يكون من الوجوه ، وأرى عزيراً ما أراه بعد ما أماته مأة عام .
وانت بالتدبر في الآية والتأمل فيما قدمناه من البيان تعرف سقوط ما ذكره فإِن السؤال انما وقع عن كيفية احيائه تعالى لا عن كيفية قبول الاجزاء الحياة ثانياً فقد قيل : كيف تحيي ، بضم التاء لا بفتحها ، على ان اجراء الامر على يد ابراهيم عليهالسلام يدل على ذلك ولو كان السؤال عن كيفية القبول لكفى في ذلك إِرائة شيء من الموتى يحييه الله كما في قصة المار على القرية الخاوية في الآية السابقة حيث قال تعالى : وانظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً ، ولم تكن حاجة الى اجراء الاحياء على يد ابراهيم عليهالسلام ، وهذا هو الذي أشرنا اليه آنفاً : انهم يقيسون نفوس الانبياء في تلقيهم المعارف الالهية ومصدريتهم للامور الخارقة بنفوسهم العادية فينتج ذلك مثلاً : ان لا فرق بين تكون الحياة بيد ابراهيم وتكونه في الخارج بالنسبة الى حال ابراهيم ، وهذا امر لا يخطر على بال الباحث عن الحقائق الخبير بها ، لكن هؤلاء لاهمالهم امر الحقائق وقعوا فيما وقعوا فيه من الفساد ، وكلما أمعنوا في البحث زادوا بعداً عن الحق . ألا ترى أنه فسر الطمأنينة بارتفاع الخطورات في الصور المحتملة في التكون والاشكال المتصورة مع ان هذا التردد الفكري من اللغو الذي لا سبيل له الى ساحة مثل ابراهيم عليهالسلام ، مع ان الجواب المنقول في الآية لم يأت في ذلك بشيء فإِن ابراهيم عليهالسلام قال : كيف تحيي الموتى ؟ فأطلق الموتى وهو يريد موتى الانسان أو الأعم منه ومن غيره والله سبحانه ما أراه الا تكون الحياة في اربعة من الطير .
ثم ذكر فضل ابراهيم عليهالسلام على عزير ( يريد به صاحب القصة في الآية السابقة ) بما ذكر فأخذ القصة في الآيتين من نوع واحد وهو السؤال عن الكيفية التي فسرها بما فسرها والجواب عنها ، فاختلط عليه معنى الآيتين جميعاً ، مع ان الآيتين جميعاً ـ على ما فيهما من غرر البيان ودقائق المعاني ـ أجنبيتان عن الكيفية بالمعنى الذي ذكره كل ذلك واضح بالرجوع الى ما مر فيهما .