اولا على انه عليهالسلام إنما سأل الرؤية دون البيان الاستدلالي ، فإن الانبياء وخاصة مثل النبي الجليل إبراهيم الخليل ارفع قدرا من ان يعتقد البعث ولا حجة له عليه ، والاعتقاد النظري من غير حجة عليه إما اعتقاد تقليدي أو ناش عن اختلال فكري وشئ منهما لا ينطبق على إبراهيم عليهالسلام ، على انه عليهالسلام إنما سأل ما سأل بلفظ كيف ، وانما يستفهم بكيف عن خصوصية وجود الشئ لا عن اصل وجوده فإنك إذا قلت : أرأيت زيدا كان معناه السؤال عن تحقق أصل الرؤية ، وإذا قلت : كيف رأيت زيدا كان أصل الرؤية مفروغا عنه وانما السؤال عن خصوصيات الرؤية فظهر انه عليهالسلام انما سأل البيان بالارائة والاشهاد لا بالاحتجاج والاستدلال.
وثانيا : على ان ابراهيم عليهالسلام إنما سأل أن يشاهد كيفية الاحياء لا أصل الاحياء كما أنه ظاهر قوله : كيف تحيي الموتى ، وهذا السؤال متصور على وجهين :
الوجه الاول : أن يكون سؤالا عن كيفية قبول الاجزاء المادية الحياة ، وتجمعها بعد التفرق والتبدد ، وتصورها بصورة الحي ، ويرجع محصله إلى تعلق القدرة بالاحياء بعد الموت والفناء.
الوجه الثاني : أن يكون عن كيفية إفاضة الله الحياة على الاموات وفعله بأجزائها الذي به تلبس الحياة ويرجع محصله إلى السؤال عن السبب وكيفية تأثيره ، وهذا بوجه هو الذي يسميه الله سبحانه بملكوت الاشياء في قوله عز من قائل : ( انما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء ) يس ـ ٨٣.
وانما سأل ابراهيم عليهالسلام عن الكيفية بالمعنى الثاني دون المعنى الاول : أما أولا : فلانه قال : كيف تحيي الموتى ، بضم التاء من الاحياء فسأل عن كيفية الاحياء الذي هو فعل ناعت لله تعالى وهو سبب حياة الحي بأمره ، ولم يقل : كيف تحيي الموتى ، بفتح التاء من الحياة حتى يكون سؤالا عن كيفية تجمع الاجزاء وعودها إلى صورتها الاولى وقبولها الحياة ولو كان السؤال عن الكيفية بالمعنى الثاني لكان من الواجب أن يرد على الصورة الثانية واما ثانيا : فلانه لو كان سؤاله عن كيفية قبول الاجزاء للحياة لم يكن لاجراء الامر بيد ابراهيم وجه ، ولكفى في ذلك أي يريد الله احياء شيء من الحيوان بعد موته ، واما ثالثا : فلانه كان اللازم على ذلك أن يختم الكلام بمثل أن