وإن شرع للتشفي وقبض الديات ، وفي الجهاد على وجه لأن المقصود به حماية الدين ، وحراسة المسلمين ، فلا يتعلق الغرض فيه بمعين.
نعم لو فرض تعينه بتعيين الإمام إياه لجودة رأيه في الحرب أو بتوقف الدفع عليه ، لم يجز التوكيل فيه ، وفي جامع المقاصد هذا هو المراد بقوله على وجه ، وفي استيفاء الحدود مطلقا مع حضور المستحق وغيبته ، وسواء كان الحد لآدمي أو لله تعالى.
وكذا يجوز التوكيل في إثبات حدود الآدميين التي هي أحد حقوقهم ، أما حدود الله سبحانه وتعالى فلا يجوز عند المصنف والفاضل في القواعد ، بل تحريره المنع منه مطلقا ، إلا في حد القذف.
لكن في التذكرة صرح بجوازه في إثبات حد الله فضلا عن الآدمي ، محتجا بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) وكل أنيسا في إثبات الحد واستيفائه جميعا حيث قال له « فان اعترفت فارجمها » وبدخول ذلك في نيابة النواب الذين كانوا يرسلونهم إلى الأطراف ، ولعله الأقوى في النظر ، فيجوز للإمام ونائبه العام ذلك ، ولا ينافيه درء الحد بالشبهة. نعم ليس لأحد توكيل غيره في ذلك ، لاستواء المكلفين في الحسبة ، ويمكن حمل عبارة المصنف وغيره على ذلك.
وكذا يجوز التوكيل في عقد السبق والرماية كغيره من العقود والعتق والتدبير والكتابة ، وفي الدعوى ، وفي إثبات الحجج والحقوق وغيرها مما لا حاجة إلى تعدادها بعد ما عرفت من الأصل الذي ذكرناه ، مع أن هذا التعداد لا يفي بحصرها ، كما أن الضابط المزبور لا يجدي في أفراد الشك.
اللهم إلا أن يريدوا به ما أشرنا إليه من الاكتفاء بعدم العلم فيه ، ولعله المقصود لهم ، كما يومي إليه تعرضهم للدليل في ممنوع التوكيل ، بخلاف غيره مما اكتفوا في جواز التوكيل فيه ، بعدم ما يقتضي المنع ، وبذلك يتم أيضا ما ذكرناه
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٨ ص ٢٢٥.