المذكور معاملة للفاسد ، معاملة الصحيح ، ولا وجه للهبة والعارية ونحوهما في ذلك.
ومنه يعلم الحال في التقييد الثاني للقاعدة المزبورة ، كما عن الأردبيلي وتبعه عليه غيره ، بما إذا كانا جاهلين بالفساد ، أما إذا كانا عالمين به أو أحدهما جاهلا والأخر عالما فلا يتأتى فيه قاعدة أجرة المثل ، وضمان الأجرة بل يكون المدفوع مع علم الدافع هبة إن كان عينا ، فيرجع بها مع بقاء عينها ولم يكن الموهوب ذا رحم ، وعارية لو كان المدفوع منفعة عين ، وتبرعا إن كان عملا ، نعم لا شيء منها مع الجهل ، ومن هنا يتجه الضمان له.
إذ لا يخفى عليك بعد ما سمعت أنه لا فرق بين الجهل والعلم في عدم الهبة وغيرها ، بعد فرض كون الدفع بالعنوان المزبور ، وعليه يدل من النصوص ما تضمن « أن ثمن الكلب حرام وسحت » وكذا الخمر والميتة وأجر المغنية والزانية ونحوها مما هو مدفوع مع العلم بالفساد ، إلا أنه كان بعنوان المعاوضة الفاسدة الغير المشروعة ، كما هو واضح بأدنى تأمل والله العالم.
هذا كله في المنفعة والأجرة أما العين المستأجرة فعن مجمع البرهان أنه يفهم من كلامهم الضمان مع الجهل به ، بل في الرياض والعين مضمونة في يد المستأجر مطلقا ، كما نسب إلى المفهوم من كلمات الأصحاب ، ولعله لعموم الخبر (١) بضمان « ما أخذته اليد ».
وربما يستشكل فيه في صورة جهله بالفساد لإناطة التكليف بالعلم ، وارتفاعه مع الجهل ، وهو كما ترى ، فإن التلف في اليد من جملة الأسباب لا تختلف فيه صورتا العلم والجهل حين وجود السبب ، والتكليف برد البدل ليس حين الجهل ، بل بعد العلم بالسبب.
نعم ربما يشكل الحكم في هذه الصورة بل مطلقا لو كان الموجر عالما بالفساد ، لكون ترتب اليد على العين حينئذ بإذن المالك ، فلا ينصرف الى هذه الصورة إطلاق
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٥٠٤.