لانه شرط في عقد جائز ، كما لا يجب على أحدهما أجرة.
نعم في الكتب الأربعة أنه لو لم يعر الثاني فالأقرب أن له الأجرة.
وفي الثاني منها تعليله بأن الاذن في الانتفاع لم يقع مطلقا ، بل مع سلامة النفع فإذا لم يسلم كان له المطالبة بالعوض.
وفي الثالث منها بأن كل شرط صح في عقد يثبت الفسخ بفواته ، فإذا فسخت العارية انتفى مبيح العين بغير عوض ، فوجبت الأجرة.
وفيه أن ذلك إن تم فإنما يؤثر فيما سيأتي ، أما ما سبق من الانتفاع قبل الفسخ فلا.
وقد أطال في الرابع منها في ذلك حتى جعل التحقيق في ذلك ما حاصله ، أن عقد العارية في غاية الضعف ، ولذا يعول فيه على قرائن الأحوال كظروف الهدايا ، وثمرته في غاية الضعف ، وهي الإباحة فتنتفي ثمرته بأدنى سبب ، وهو انتفاء الشرط ، لا أن انتفاءه يسلط على الفسخ ، كما في العقد اللازم القوي الذي ثمرته التمليك مثلا واللزوم ، فان انتفاء الشرط فيه يسلط على فسخ اللزوم ، بخلاف عقد العارية المطلوب فيه مجرد الإباحة ، فليس الشرط فيه إلا شرطا للإباحة ، فإذا انتفى انتفت.
وهو كما ترى مرجعه إلى تعليق الاذن في المنفعة الخاصة على الشرط المزبور فحيث يحصل تحصل ، وإن انتفى انتفت ، فهو تعليق محض لا يجامع صحة العقد ، وخصوصا إذا كان المعلق عليه العارية في الزمان المتأخر مثلا ، فان استيفاء المنفعة الآن قبل مجيء المعلق عليه بالإذن التي هي مقتضى صحة العقد ، فلا تتعقبه أجرة ، وإلا لم يصح الانتفاع ، ودعوى البقاء مراعى كما ترى.
وبذلك بان لك أنه ليس بشيء ، فضلا عن أن يكون تحقيقا ، فالمتجه حينئذ على الصحة عدم استحقاق الأجرة وإن لم يعر الثاني ، لعدم كونه مستحقا عليه بعقد لازم كما هو واضح.
نعم لو قال أعرتك الدابة بعلفها ، أو أعرتك الدابة بعشرة دراهم كان عارية فاسدة ، واستحق حينئذ أجرة المثل ، لان المالك لم يبذل المنفعة مجانا ، ولا ينافي