وكان وجه الفرق بين العارية والإجارة مثلا أن مقتضى الثانية ملك المنفعة ، وهو إنما يتشخص بما يقتضي تنويعه ، كالركوب والتحميل ونحوهما إلا مع الشرط فيجب حينئذ من حيث الاشتراط لا من حيث ملك خصوص تلك المنفعة.
فلو استأجر دارا مثلا لربط دابة مخصوصة فماتت تلك الدابة لم تبطل الإجارة بل له ربط غيرها فيه مما هي أقل ضررا أو مساويا ، وكذا ركوب الدابة وسكنى الدار ونحو ذلك ، ضرورة اقتضاء الملك ما ذكرناه مما لا خصوصية فيه إلا مع الشرط فإنه يكون حينئذ نحو اشتراط المباشرة في الأجير المقتضية انفساخ العقد بفواتها.
أما العارية فهي ليست إلا إباحة لا فرق فيها بالنسبة إلى ذلك ، فمع فرض الاقتصار فيها على شيء مخصوص بحيث لا ينقل منه إلى غيره لم يجز له التعدي ولو إلى الأقل من الجنس ، فضلا عن غيره ، ولعله لذا أطلق المصنف هنا فتأمل جيدا والله العالم.
المسألة الثامنة :
إذا جحد العارية ) بعد طلب المالك لها بطل استيمانه ، ولزمه الضمان مع ثبوت الإعارة بل وبدون طلبه كما عرفت الكلام فيه مفصلا في الوديعة ، فإن المسألة من واد واحد والله العالم.
المسألة التاسعة :
إذا ادعى التلف فالقول قوله مع يمينه ) لأن ذلك مقتضى ائتمانه كما عرفته مفصلا في الوديعة ، وكذا في عدم التفريط والتعدي وأما لو ادعى الرد فالقول قول المالك مع يمينه لقاعدة « البينة على المدعى واليمين على من أنكر » والايتمان لا يقتضي تصديقه في الرد ، وقبوله في الوديعة للنص ، لا لذلك ، ولا لأنه قبض لمصلحة المالك بخلافه هنا ، وإلا لاقتضى في الوكيل بدون جعل ذلك ، فالعمدة حينئذ ما ذكرناه كما أوضحناه في الوديعة والله العالم.