مدونة ، ويقال : حجاب محجوب وستر مستور ، والخيل : هو الأفراس ، والمسوّمة مأخوذة من سامت الإبل سوماً بمعى ذهبت لترعى فهي سائمة ، أو من سمت الإبل في المرعى وأسمتها وسوّمتها بمعنى أعلمتها . فالخيل المسومة إما المرسلة للرعي أو المعلمة ، والأنعام جمع نعم بفتحتين وهو الإبل والبقر والغنم ، والبهائم أعم منه ويطلق على غير الوحش والطير والحشرات ، والحرث هو الزرع وفيه معنى الكسب وهو تربية النبات أو النبات المربى للانتفاع به في المعاش .
وبناء التعداد في الآية ليس على تكثر حب الشهوات بحسب تكثر المشتهيات أعني متعلقات الشهوة بمعنى أن الإنسان بحسب طبعه يميل الى الأزواج والأولاد والمال حتى يتكلف في توجيه التعبيرات الواقعة في الآية كالتعبير عن الإنسان بالناس والتعبير عن الأولاد بخصوص البنين ، والتعبير عن المال بالقناطير المقنطرة « إلخ » بما تكلف به جمع من المفسرين .
بل على كون الناس أصنافاً في الشغف والولوع بمشتهيات الدنيا فمن شهواني لا هم له إلا التعشق بالنساء وغرامهن والتقرب اليهن والانس بصحبتهن ، ويستصحب ذلك أذناباً من وجوه الفساد ومعاصي الله سبحانه كاتخاذ المعازف والأغاني وشرب المسكرات وامور أُخر غيرهما ، وهذا مما يختص بالرجال عادة ، ولا يوجد في النساء إلا في غاية الشذوذ ، ومن محب للبنين والتكاثر والتقوي بهم كما يوجد غالباً في أهل البدو ، ويختص أيضاً بالبنين دون البنات ، ومن مغرم بالمال أكبر همه أن يقنطر القناطير ، ويملأ المخازن من وجوه النقد ، وظهور هذا الجنون أيضاً في جمع المال إنما هو في وجوه النقد من الذهب والفضة أو ما يتقوّم بهما دون أمثال الأثاث إلا أن يراد لأجلهما بوجه ، ويوجد غالباً في الحاضر دون البادي ، أو أن المختار عنده اتخاذ الخيل المسومة كالمغرمين بالفروسة وأمثالهم أو اتخاذ الماشية من الأنعام ، أو يستحب الحرث ، وربما يجتمع البعض من هذه الثلاثة الأخيرة مع البعض وربما تفترق .
وهذه أقسام الشهوات التي ينسل الناس اليها صنفاً صنفاً بالتعلق بواحد منها وجعله أصلاً في اقتناء مزايا الحيوة ، وجعل غيره فرعاً مقصوداً بالقصد الثاني ، وقلماً يوجد ( أو لا يوجد أصلاً ) في الناس من ساوى بين جميعها ، وقصد الجميع قصداً أولاً معتدلاً .
وأما مثل الجاه والمقام والصدارة ونحوها
فهي جميعاً امور وهمية بالحقيقة إنما