تتعلق الرغبة اليها بالقصد الثاني لا يعد الالتذاذ بها التذاذاً شهوياً ، على أن الآية ليست في مقام حصر الشهوات .
ومن هنا يتأيد ما تقدمت الإشارة إليه من أن المراد بحب الشهوات التوغل والانغمار في حبها ( وهو المنسوب الى الشيطان ) دون أصل الحب المودع في الفطرة ( وهو المنسوب الى الله سبحانه ) .
قوله تعالى : ذلك متاع الحياة الدنيا ، أي هذه الشهوات امور يتمتع بها لإقامة هذه الحيوة التي هي أقرب الحيوتين منكم ( وهما الحيوة الدنيا والحيوة الاخرى ) ، والحيوة الدنيا وكذا المتاع الذي يتمتع به لها أمر فان داثر ليس لها عاقبة باقية صالحة ، وصلاح العقبى وحسن المآب إنما هو عند الله سبحانه وهو قوله تعالى : والله عنده حسن المآب .
قوله تعالى : قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات الى آخر الآية ، الآية مسوقة لبيان قوله : والله عنده حسن المآب وقد وضع فيها محل هذه الشهوات الفانية الباطلة امور هي خير للانسان لكونها باقية وحسنة حقيقة من غير بطلان ، وهي امور مجانسة لهذه الشهوات في ما يريده الإنسان من خواصها وآثارها غير أنها خالية عن القبح والفساد غير صارفة للإنسان عن ما هو خير منها ، وهي الجنة ومطهرات الأزواج ورضوان الله تعالى .
وقد اختصت الأزواج بالذكر مع كون ذكر الجنة كالمشتمل عليها لكون الوقاع أعظم اللذائذ الجسمية عند الإنسان ، ولذلك أيضاً قدم ذكر النساء في قوله : من النساء والبنين والقناطير المقنطرة « إلخ » .
وأما الرضوان بكسر الراء وضمها فهو الرضا ، وهو أن يلائم الأمر الواقع نفس صاحبه من غير أن يمتنع منه ويدافعه ، ويقابله السخط .
وقد تكرر في القرآن ذكر رضى الله سبحانه
، وهو منه تعالى كما يتصور بالنسبة الى فعل عباده في باب الطاعة كذلك يتصور بالنسبة الى غير باب الطاعة كالأوصاف والأحوال وغير ذلك إلا أن جل الموارد التي ذكر فيها أو كلها من قبيل الرضا بالطاعة
، ولذلك ربما قوبل بينه وبين رضا العبد فرضاه عن عبده لطاعته ، ورضى العبد عنه