فيه مجال ، لكن على كل حال لا خلاف أجده بين المسلمين فضلا عن الخاصة في العمل بها ، وأنه لا يصلي إلى أربع جهات بمجرد فقد العلم وإن تمكن من إعمالها ، وبه اعترف في كشف اللثام.
نعم قد يظهر من قول الشيخين في المقنعة والنهاية والمبسوط والجمل والاقتصاد والمصباح ـ على ما حكي عن بعضها بعد ذكرهما الامارات السماوية أن من فقدها صلى أربعا مع الاختيار ، ومع الضرورة يصلي إلى جهة ـ عدم جواز العمل بالاجتهاد بمعنى الظن الناشئ من غير الأمارات الشرعية ، بل هو في الحقيقة ظن بالجهة التي كانت تستفاد من تلك الامارات كما هو ظاهر المحكي عن ابن حمزة أو صريحه من أن فاقد الامارات يصلي أربعا مع الاختيار ، ومع الضرورة يصلي إلى جهة تغلب على ظنه ، وعلى ذلك ينزل ما حكاه في الذكرى عن ظاهر الشيخ في التهذيب والخلاف من أن الاجتهاد لا يكون إلا عند الضرورة : أي تعذر الصلاة إلى أربع جهات ، لا أن المراد بالاجتهاد ما يشمل الحاصل من تلك الامارات بناء على إفادتها الظن.
وإن كان الأقوى خلافه أيضا وفاقا للمعظم ، بل الإجماع ممن عداهما ، بل لعله ظاهر معقد إجماع المنتهى أو صريحه بعد التدبر في آخر كلامه ، ومحتمل أو ظاهر إجماع التحرير أيضا ، بل يمكن دعوى تحصيل الإجماع عليه فضلا عن محكيه ، ويدل عليه مع ذلك صحيح زرارة (١) عن أبي جعفر عليهالسلام « يجزئ التحري أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة » وموثق سماعة (٢) « سألته عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم ير الشمس والقمر ولا النجوم ، فقال : اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك » وغيرهما من النصوص التي تسمعها إن شاء الله في الأعمى وفيمن بان لها الخطأ بعد خروج الوقت أو قبله ، فان فيها التصريح بالاجتهاد والتحري ، وبذلك كله يخرج عن مقتضى قاعدة وجوب تحصيل
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ٢.