بل في حاشية الإرشاد للمحقق الثاني كما عن الروض أنه لا يظهر له الميل إلا بعد زمن كثير ، ولعله لذا قيد العلامة المزبورة في المنتهى والنهاية بمن كان بمكة مستقبل الركن العراقي ليضيق المجال ويتحقق الحال ، لكن في فوائد الشرائع أنه إن كان المراد أن ذلك علامة لأول الزوال فليس كذلك ، لاحتياجه إلى زمن كثير أيضا ، وإن أراد أنه دليل على حصول الزوال في الجملة فهو حق ، إلا أنه لا يختص بمكة ، بل زاد في جامع المقاصد أن الركن العراقي الذي فيه الحجر ليس قبلة أهل العراق كما هو معلوم ، بل قبلتهم الباب والمقام ، فمن توجه اليه لم تصر الشمس على حاجبه الأيمن إلا بعد زمن كثير ، ولعله لما حكي عن الروض من أنه أي الركن ليس موضوعا على نقطة الشمال حتى يكون استقباله موجبا لاستقبال نقطة الجنوب والوقوف على خط نصف النهار ، وانما هو بين المشرق والشمال ، فوصول الشمس اليه يوجب زيادة ميل عن خط نصف النهار كما لا يخفى.
وأنت خبير ان كثيرا من الكلام في المقام مما ذكرناه وما لم نذكره خارج عن الفائدة ، بل يقرب أن يكون مناقشة في عبارة أو مثال مع العلم بالمراد ، لما عرفت أن المدار في هذه العلامة ميل الشمس من نقطة دائرة نصف النهار المستخرج بالدائرة الهندية أو غيرها ، فان كانت قبلة أهل العراق عليه كما هو مقتضى بعض علاماتها الآتية تحقق الزوال بمجرد الميل عن القبلة ، ويتحقق ذلك في زمن قصير يقرب من زيادة الظل بعد نقصه كما اعترف به ثاني الشهيدين فيما حكي عن روضه ، وإلا كما يقتضيه البعض الآخر من علاماتها لم يتحقق ، ولا يكون هو المدار ، بل هو النقطة السابقة ، ولا مدخلية لمن كان في مكة أو بعيدا عنها بعد أن علمت أن المدار ما ذكرناه ، وإن ذكر القبلة انما هو لأنها على النقطة السابقة ، ووجه دلالتها على الزوال حينئذ واضح لتحقق انحراف الشمس عن دائرة نصف النهار ، مضافا إلى ظهور اتفاق الأصحاب عليها كما أومأ إليه ثاني المحققين ، بل في المبسوط انه قد روي أن من يتوجه إلى الركن العراقي إذا استقبل ووجد الشمس