المخلوق ، وإن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه ، وأنى يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه ، والأوهام أن تناله ، والخطرات أن تحده ، والأبصار عن الاحاطة به ، جل عما يصفه الواصفون ، وتعالى عما ينعته الناعتون ، نأى في قربه ، وقرب في نأيه ، فهو في نأيه قريب ، وفي قربه بعيد ، كيّف الكيف فلا يقال كيف ، وأين الأين فلا يقال أين ، إذ هو منقطع الكيفية والأينية ، هو الواحد الأحد الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، فجل جلاله ... الحديث » (١).
وعن سهل بن زياد ، عن أبي الحسن علي بن محمد عليهمالسلام أنه قال : « إلهي تاهت أوهام المتوهمين ، وقصر طرف الطارفين ، وتلاشت أوصاف الواصفين ، واضمحلت أقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنك ، أو الوقوع بالبلوغ إلى علوك ، فأنت في المكان الذي لا يتناهى ، ولم تقع عليك عيون بإشارة ولا عبارة ، هيهات ثم هيهات ، يا أولي ، يا وحداني ، يا فرداني ، شمخت في العلو بعز الكبر ، وارتفعت من وراء كل غورة ونهاية بجبروت الفخر » (٢).
وعن أبي منصور الطبرسي ، قال : « سئل أبو الحسن الهادي عليهالسلام عن التوحيد ، فقيل له : لم يزل الله وحده لا شيء معه ، ثم خلق الأشياء بديعاً ، واختار لنفسه الأسماء ، ولم تزل الأسماء والحروف له معه قديمة؟
فكتب عليهالسلام : لم يزل الله موجوداً ، ثم كوّن ما أراد ، لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، تاهت أوهام المتوهمين ، وقصر طرف الطارفين ، وتلاشت
__________________
(١) كشف الغمة ٣ : ١٧٩.
(٢) التوحيد : ٦٦ / ١٩.