من بعده فعند الله تحتسبه ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، ما أعظم ما أصيبت به هذه الأمّة عامة ، وأنت وهذه الشيعة خاصة ، بهلاك ابن الوصي وابن بنت النبي ، علم الهدى ، ونور البلاد المرجو لإقامة الدين ، وإعادة سيرة الصالحين ، فاصبر رحمك الله على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ، فان فيك خلفا ممن كان قبلك ، وإن الله يؤتى رشده من يهتدي بهديك ، ونحن شيعتك المصابة بمصيبتك المحزونة بحزنك ، المسرورة بسرورك ، السائرة بسيرتك ، المنتظرة لأمرك ، شرح الله صدرك ، ورفع ذكرك ، وأعظم أجرك ، وغفر ذنبك ، ورد عليك حقك ، والسلام » (١).
كان معاوية يتشوف بفارغ الصبر أنباء يثرب ، ويترقب البريد ساعة فساعة ، قد ألح على عامله أن يعرفه بأخبار الإمام في كل يوم ، ولما انتهى إليه النبأ بموت الإمام لم يملك نفسه من السرور حتى خرّ ساجدا ، وكبّر وكبّر من كان معه في الخضراء ، ولما سمعت ذلك زوجه فاختة بنت قرضة خرجت من خوخة لها فرأت زوجها قد غمره الفرح والسرور فقالت له :
« سرك الله يا أمير المؤمنين ، ما هذا الذي بلغك فسررت به؟ »
ـ موت الحسن.
فاستعبرت ، وقالت : « إنا لله وإنا راجعون ». ثم بكت وقالت :
« مات سيد المسلمين ، وابن بنت رسول الله (ص) » (٢).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٠٣.
(٢) مروج الذهب ٢ / ٣٠٥.