فقيدهم العظيم ، وعلى ما ارتكبه الأمويون منهم.
وجيء بالجثمان الطاهر إلى البقيع فأودع في مقره الأخير بجوار جدته فاطمة بنت أسد (١) لقد أودع في الثرى ريحانة الرسول وسبطه ، فاقبر معه الحلم والكرم والفضل.
ووقف سيد الشهداء على حافة القبر وهو شاخص العين لم يطرف له هدب ، ولم يهدأ له قلب ، وأخذ يؤبّن أخاه ، ويصوغ من حزنه كلمات :
« رحمك الله أبا محمد ، إن كنت لتباصر الحق مظانه ، وتؤثر الله عند التداحض فى مواطن التقية بحسن الروية ، وتستشف جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة ، وتفيض عليها يدا طاهرة الأطراف ، نقية الأسرة ، وتردع بادرة غرب أعدائك بأيسر المؤنة عليك ، ولا غرو فأنت ابن سلالة النبوة ، ورضيع لبان الحكمة ، فالى روح وريحان ، وجنة ونعيم ، أعظم الله لنا ولكم الأجر عليه ، ووهب لنا ولكم حسن الأسى (٢) عنه » (٣).
ثم جلس على القبر وأخذ يروي أديمه بماء عينيه ، وينشد :
أأدهن رأسي أم
تطيب محاسني |
|
وخدك معفور وأنت
سليب |
أأشرب ماء المزن
من غير مائه |
|
وقد ضمن الأحشاء
منك لهيب |
أو أستمتع
الدنيا لشيء أحبه |
|
الى كل ما أدنى
إليك حبيب |
__________________
(١) كفاية الطالب ص ٢٦٨ وغيره.
(٢) الأسى : بضم أوله وكسره ، جمع أسوة بالضم والكسر ، وهو ما يتعزى به.
(٣) عيون الأخبار.