ـ قال الله تعالى « يريدون أن يطفئوا نور الله بأفوافهم ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ».
ـ يا ابن عباس اكفني نفسك ، وكفّ عني لسانك ، وإن كنت فاعلا فليكن سرا ، ولا تسمعه أحدا علانية (١).
ودلت هذه المحاورة على عمق الأساليب التي اعتمد عليها معاوية فى محاربة أهل البيت ، وفي ستر فضائلهم ، وحجب المسلمين عنهم.
ودخل الأحنف بن قيس على معاوية فلما استقر به المجالس قام وغد أثيم من الشاميين خطيبا فافتتح خطابه بسب أمير المؤمنين وثقل ذلك على الأحنف ، فالتفت الى معاوية وقد اسودّ الفضاء فى وجهه مما داخله من الحزن قائلا :
« إن هذا القائل لو يعلم أن رضاك فى لعن المرسلين لعنهم ، فاتق الله يا معاوية ، ودع عنك عليا فلقد لقى ربه ، وأفرد بقبره ، وخلي بعمله كان والله مبرورا فى سبقه ـ أي الى الإسلام ـ طاهر الثوب ، ميمون النقيبة ، عظيم المصيبة ».
فالتاع معاوية من هذا التقريع ، وتألم من هذا الثناء العاطر على أمير المؤمنين أمام أهل الشام ، فالتفت الى الأحنف قائلا :
« يا أحنف. لقد أغضيت العين على القذى وقلت ما ترى ، أما والله لتصعدن المنبر وتلعن عليا كرها أو طوعا ».
فقال له الأحنف : إن تعفنى فهو خير لك ، وإن تجبرني على ذلك فو الله لا تجري شفتاي به أبدا.
__________________
(١) شرح النهج ابن ابى الحديد ٣ / ١٥ ، وسليم بن قيس.