إن جميع ما شملته بنود المعاهدة من شرط قد نقضها « كسرى العرب » فلم يف بشيء منها ، وقد أسفر بذلك عن سياسته التي رفعت شعار الغدر ونكث الذمم ونقض العهود ، وفيما بلي الشروط التي نقضها ولم يف بها.
إذا مات الإنسان وجب أن تموت معه الحزازات ، وتنطوي معه الأحقاد ، وسائر المؤثرات ، وقد جرت سيرة الناس على ذلك منذ فجر التأريخ ، ولكن ابن هند قد جافى ذلك ، فقد أخذ بعد إبرام الصلح يعلن سب أمير المؤمنين عليهالسلام ويبالغ فى انتقاصه ، لم يمنعه عنه أنه قد اشترط عليه تركه فى اتفاقية الصلح ، ولم يمنعه عنه انتقال الإمام إلى جوار الله ، وقد قيل :
واحترام الأموات
حتم وإن كا |
|
نوا بعادا فكيف
بالقرباء (١) |
لقد اندفع معاوية بجميع طاقاته وقواه إلى النيل من الإمام وإلى الحط من شأنه ، وقد سخّر جميع أجهزة دولته فى ذلك حتى جعل سب العترة الطاهرة سنة من سنن المسلمين يحتجون على تركها ، ويتنادون عليها ويأثمون على عدم أدائها.
ومما لا شبهة فيه أن سب أمير المؤمنين (ع) إنما هو سب للنبي (ص) وانتقاص له فقد أثر عنه (ص) أنه قال : « من سب عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله » (٢) وأثر عنه أنه قال : من آذى عليا فقد
__________________
(١) ديوان الرصافى ص ٥٨٩.
(٢) مستدرك الحاكم ٣ / ١٢١ ، ذخائر العقبى ص ٦٦.