جواره .. ».
هذا هو موقف الإسلام تجاه المعاهدات والشروط فقد الزم بوفائها ورعايتها ، وحرم نكثها ، ولنرجع بعد هذا إلى اتفاقية الصلح التي تمت بين الإمام ومعاوية ، لنرى مدى الالتزام بها من الجانبين ، أما ما يخص الإمام الحسن (ع) من الشروط التي اشترطها معاوية عليه فانه لم يكن سوى شرط واحد وهو أن لا يخرج الإمام عليه ، وقد وفى له بذلك ، فقد خف إليه خلص شيعته بعد أن أعلن معاوية نقضه للشروط التي أعطاها للإمام ، فعرضوا عليه أن يخرج على معاوية ، ويناجزه فأبى (ع) أن ينقض ما أعطاه من العهد ، وبعد خروجه من الكوفة وشخوصه إلى يثرب جاءه زعماء شيعته فطلبوا منه مناجزة معاوية ، وضمنوا له احتلال الكوفة وإخلائها من عامل معاوية ، فامتنع (ع) من إجابتهم وأمرهم بالخلود الى الصبر ـ كما تقدم بيان ذلك ـ.
وأما ما يخص معاوية فانه قد خان بعهده ، وحنث بيمينه ، وكذب بمواعيده ، بالرغم من أنه الزم نفسه بالإيمان المغلظة والعهود المؤكدة على الوفاء بما أعطاه للإمام من شروط فقد جاء فى ختام المعاهدة بتوقيعه : « وعلى معاوية بن أبي سفيان ، عهد الله وميثاقه ، وما أخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء ، وبما أعطى الله من نفسه. » فلم تمض أيام على امضاء المعاهدة حتى أعلن نقضها فقال أمام المسلمين : « الا ان كل شيء أعطيته للحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به! » يقول الحصين بن نمير : « ما وفى معاوية للحسن بشيء مما أعطاه ، قتل حجرا وأصحاب حجر ، وبايع لابنه وسم الحسن. » (١).
__________________
(١) شرح ابن ابي الحديد ٤ / ١٦.