سبط النبي وريحانته ، وينال من كرامته ، إن الذي دعاه لأن يشمخ بأنفه ليس إلا السلطة التي يتمتع بها ، وإلا فأي فضيلة أو مكرمة ماثلة فيه حتى يعتز بها ويفتخر ، ولما وصلت رسالته الى الامام (ع) قرأها وتبسم وعلم سر غضبه وثورته ، لأنه لم ينسبه الى أبي سفيان ، وانبرى (ع) فكتب الى معاوية كتابا عرّفه فيه بمهمته ، وأودع في جوفه رسالة زياد ، ورسم (ع) رسالة أخرى الى زياد حطم بها كيانه ، ورد غلواءه ، وأفسد التحاقه بأبي سفيان ، وقد تقدم ذكرها (١).
ولما وصلت رسالة الامام الى معاوية واطّلع على جراءة زياد واستهتاره واستخفافه بمركز الامام رفع من فوره رسالة الى زياد ، وهذا نصها :
« أما بعد : فان الحسن بن علي بعث إليّ بكتابك إليه جوابا عن كتاب كتبه إليك في ابن سرح ، فأكثرت العجب منك!!! وعلمت أن لك رأيين أحدهما من أبي سفيان ، والآخر من سمية ، فأما الذي من أبي سفيان حلم وحزم ، وأما الذي من سمية فما يكون رأي مثلها ، من ذلك كتابك الى الحسن ، تشتم أباه ، وتعرض له بالفسق ، ولعمري انك أولى بالفسق من أبيه ، فأما ان الحسن بدأ بنفسه ارتفاعا عليك ، فان ذلك لا يضعك لو عقلت ، وأما تسلطه عليك بالأمر فحق لمثل الحسن أن يتسلط وأما تركك تشفيعه فيما شفع فيه إليك فحظ دفعته عن نفسك الى من هو أولى به منك ، فاذا ورد عليك كتابي فخل ما في يديك لسعيد بن أبي سرح وابن له داره ، واردد عليه ماله ، ولا تعرض له فقد كتبت الى الحسن عليهالسلام أن يخيره إن شاء أقام عنده ، وإن شاء رجع الى بلده ، ولا سلطان لك عليه لا بيد ولا لسان ، وأما كتابك الى الحسن (ع) باسمه
__________________
(١) يراجع ص ١٧٥.