تعالى كل يوم فى شأن » (١).
وقد أبان (ع) عدم وجود المخلصين له فى الجيش العراقي ولو كان هناك أمثال حجر فى عقيدته وايمانه ورأيه واخلاصه لما صالح معاوية ، كما بيّن (ع) انه إنما صالح خصمه محافظة على حجر وأمثاله من المؤمنين.
وعدي بن حاتم هو الفذ المثالي الذي ضرب الرقم القياسي للعقيدة والايمان والفداء فى سبيل الله ، وقد اندفع هذا الصحابي العظيم بثورة نفسية عارمة الى انكار الصلح ، وكانت لهجة حديثه لهجة مؤدب كامل ، فقال للإمام وقد ذابت حشاه من الحزن والمصاب :
« يا ابن رسول الله ، لوددت أني مت قبل ما رأيت ، أخرجتنا من العدل الى الجور ، فتركنا الحق الذي كنّا عليه ، ودخلنا في الباطل الذي كنّا نهرب منه ، وأعطينا الدنية من أنفسنا ، وقبلنا الخسيس التي لم تلق بنا ».
وترك كلام عدي في نفس الامام بالغ الأسى والحزن ، فانبرى (ع) مبينا له العلة التي صالح من أجلها قائلا :
« يا عدي ، إني رأيت هوى معظم الناس في الصلح ، وكرهوا الحرب فلم أحب أن أحملهم على ما يكرهون ، فرأيت دفع هذه الحروب الى يوم ما فان الله كل يوم هو في شأن ».
وأعرب (ع) في جوابه عن سأم جيشه من الحرب ، وحبه للعافية وايثاره للسلم ، وإنه عازم على إثارة الحرب ومناجزة معاوية ، ولكن في
__________________
(١) مناقب ابن شهر اشوب ٢ / ١٦٩.