فأنقذه من هوة الفقر وحضيض البؤس فاستعمله واليا على البحرين سنة احدى وعشرين من الهجرة فلما كانت سنة ثلاث وعشرين عزله لأنه ظهرت منه الخيانة ، ولم يكتف بعزله حتى استنقذ منه ما اختلسه من أموال المسلمين فقال له :
« علمت أني استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين ثم بلغنى أنك ابتعت أفراسا بألف دينار وستمائة دينار ».
فقال أبو هريرة وقد استولى عليه الخوف :
« يا أمير المؤمنين ، كانت لنا أفراس تناتجت وعطايا تلاحقت ».
فقال له عمر وهو ثائر غضبان : « حسبت لك رزقك ومئونتك وهذا فضل فأده ».
ـ ليس لك ذلك.
ـ بلى والله وأوجع ظهرك.
ثم قام عليه بالدرة فضربه حتى أدماه ، ولما أخذ الألم منه مأخذا عظيما وافق على إرجاعها وقال :
« ائت بها وأحتسبها عند الله ».
فانبرى إليه عمر مبطلا زعمه في هذا الاحتساب قائلا :
« ذلك لو أخذتها من حلال وأديتها طائعا ، أجئت من أقصى حجر البحرين يجبي الناس لك لا لله ولا للمسلمين؟ ما رجعت بك أميمة (١) إلا لرعية الغنم ».
ثم أخذ الأموال التي اختلسها (٢) ورجع أبو هريرة إلى حاله الأول
__________________
(١) الرجع والرجيع : العذرة والروث ( أميمة ) أم أبى هريرة.
(٢) العقد الفريد ١ / ٢٥.