بالموضع الذي تنزل فيه البغايا خارجا عن الحضر في محلة يقال لها حارة البغايا (١) هذه أم زياد في قذارتها وفجورها ولم يأنف معاوية من إلحاق هذا الدعى به.
أما بواعث هذا الاستلحاق فيقول عنه المؤرخون ان أمير المؤمنين «ع» كان قد ولى زيادا قطعة من أعمال فارس ، واصطنعه لنفسه ، فلما قتل «ع» بقى زياد في مله وخاف معاوية جانبه ، وعلم صعوبة ناحيته ، وأشفق من ممالاته الحسن بن علي «ع» فكتب إليه هذه الرسالة :
« من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ، إلى زياد بن عبيد ، أما بعد : فانك عبد قد كفرت النعمة ، واستدعيت النقمة ، ولقد كان الشكر أولى بك من الكفر وإن الشجرة لتضرب بعرقها ، وتتفرع من أصلها إنك لا أم لك ، بل لا أب لك قد هلكت وأهلكت ، وظننت أنك تخرج من قبضتي ، ولا ينالك سلطاني ، هيهات ما كل ذي لب يصيب رأيه ولا كل ذي رأي ينصح في مشورته ، أمس عبد واليوم أمير خطة ما ارتقاها مثلك يا ابن سمية ، إذا أتاك كتابى هذا فخذ الناس بالطاعة والبيعة واسرع الإجابة فانك إن تفعل فدمك حقنت ونفسك تداركت ، وإلا اختطفتك بأضعف ريش ونلتك بأهون سعي ، وأقسم قسما مبرورا أن لا أوتى بك إلا في زمارة (٢) تمشي حافيا من أرض فارس إلى الشام حتى أقيمك في السوق وأبيعك عبدا وأردك إلى حيث كنت فيه وخرجت منه والسلام ».
وفي هذه الرسالة قد نسب زيادا إلى عبيد ، واعترف برقيته ، وإنه إذا تمكن منه يبيعه في أسواق دمشق ويرده إلى أصله ، ولما وصلت هذه
__________________
(١) مروج الذهب ٢ / ٣١٠.
(٢) الزمارة : آلة من القصب يغنى بها.