ولم تدهن حتى صارت واقعة أحد (١) فأخذت ثارها من سيد الشهداء حمزة فمثلت به ، وفعلت معه ذلك الفعل الشنيع ، فعند ذلك أظهرت السرور والفرح وأخذت ترتجز قائلة :
شفيت نفسي بأحد |
|
حين بقرت بطنه
عن الكبد |
أذهب عني ذاك ما
كنت أجد |
|
من لوعة الحزن
الشديد المعتمد |
والحرب تعلوكم
بشؤبوب برد |
|
نقدم إقداما
عليكم كالأسد |
ولما رأى رسول الله (ص) ما فعلته هند بعمه من التنكيل غاظه ذلك والتاع أشد اللوعة ، وقال :
« ما وقفت موقفا أغيظ إلي من هذا الموقف ».
وقال (ص) ثانيا :
« لن أصاب بمثل حمزة أبدا .. » (٢)
ولما كان يوم الفتح ودخل المسلمون مكة قام أبو سفيان في أزقة مكة وشوارعها مناديا على كره منه من ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن دخل داره فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، فلما سمعت هند منه ذلك لطمته على وجهه وجعلت تصيح بلا اختيار :
« اقتلوا الخبيث الدنس ، قبّح من طليعة قوم .. »
ثم التفت الى جماهير قريش محرضة لهم على الحرب قائلة بنبرات تقطر حماسا : « هلاّ قاتلتم عن بلادكم ، ودفعتم عن أنفسكم .. »
تثير بذلك حفاظ النفوس ، وتلهب نار الثورة في قومها ، ولكن الله ردّ كيدها ، وخيّب سعيها ، فنصر الاسلام وأهله. هذان أبوا معاوية
__________________
(١) شرح ابن أبي الحديد ٣ / ٣٤٢.
(٢) شرح ابن أبي الحديد ٣ / ٣٨٧.