وأبو سفيان من ألدّ أعداء النبي (ص) فهو الذي قاد الأحزاب ، وظاهر اليهود ، وناصر جميع القوى المعادية للإسلام ، وتضاعف حقده على النبي (ص) حينما وتره بأسرته وبسبعين رجلا من صناديد قريش ممن كانوا تحت لواء الشرك في غزوة بدر الكبرى ، فأترعت نفسه الأثيمة بالحزن عليهم ، وظل يناجز الرسول (ص) ويؤلب عليه الأحقاد ، ولكن الله رد كيده ، فنصر رسوله ، وأعز دينه ، وأذل أبا سفيان وحزبه ، فقد فتح النبي (ص) مكة ودخل ظافرا منتصرا فحطم الأصنام ، وكسر الأوثان ودخل أبو سفيان ـ على كره منه ـ في الاسلام ذليلا مقهورا يلاحقه العار والخزي ، وظل بعد إسلامه محتفضا بجاهليته لم يغير الاسلام شيئا من طباعه وأخلاقه ، وكان بيته وكرا للخيانة وكان هو كهفا للمنافقين (١).
ولما فجع المسلمون بالنبي (ص) وتقمص أبو بكر الخلافة أقبل أبو سفيان يشتد إلى أمير المؤمنين (ع) يطلب منه الثورة ومناجزة أبي بكر لارجاع الخلافة إليه ، ولم يكن ذلك منه إيمانا بحق أمير المؤمنين ، ولكن ليجد بذلك منفذا يسلك فيه للتخريب والهدم ، ولم يخف على الامام نواياه الشريرة فأعرض عنه وزجره ، وظل أبو سفيان بعد ذلك قابعا في زوايا الخمول ينظر إليه المسلمون نظرة ريبة وشك في اسلامه ، ولما آل الأمر الى عثمان وقرّب بني أمية ، وفوض إليهم أمور المسلمين ، ظهر أبو سفيان وعلا نجمه ، وراح يظهر الأحقاد ، والعداء الى النبي ، فوقف يوما قبال مرقد سيد الشهداء حمزة (ع) فألقى ببصره المتغور على القبر ثم حرّك شفتيه قائلا :
__________________
(١) الاستيعاب