شيء يريد أبو بكر من التفضيل أكثر من قوله : « إنّ هذا الأمر لا يصلح إلّا لهذا الحي من قريش » ! وأيّ فرق بين ما يقال عند الموت وبين ما يقال قبله إذا كان محفوظاً معلوماً ، لم ترفع كلمة ولم تنسخ !
وبعد ، فظاهر الكلام لا يقتضي هذا التخصيص ، ونحن مع الإطلاق والظاهر ، وأيّ حق يجوز أن يكون للأنصار في الإمامة غير أن يتولاها رجل منهم حتى يجوز أن يكون الحق الّذي تمنّى أن يسأل عنه غير الإمامة ! وهل هذا إلّا تعسّف وتكلّف !
وأيّ شبهة تبقى بعد قول أبي بكر : ليتني كنت سألته : هل للأنصار في هذا الأمر حق ، فكنّا لا ننازعه أهله ؟ ومعلوم أنّ التنازع لم يقع بينهم إلّا في الإمامة نفسها ، لا في حقٍّ آخر من حقوقها.
فأمّا قوله : إنّا قد بيّنا أنّه لم يكن منه في بيت فاطمة ما يوجب أن يتمنّى أنّه لم يفعله ؛ فقد بيّنا فساد ما ظنّه فيما تقدم.
فأمّا قوله : إنّ من اشتدّ التكليف عليه قد يتمنى خلافه ؛ فليس بصحيح ؛ لأنّ ولاية أبي بكر إذا كانت هي الّتي اقتضاها الدين ، والنظر للمسلمين في تلك الحال ، وما عداها كان مفسدة ومؤدّياً إلى الفتنة ، فالتمني لخلافها لا يكون إلّا قبيحاً.
ما ذكره المحب الطبري :
الرابع والعشرون : المحب الطبري ( ت ٦٩٤ هـ ) فماذا عنده ؟
النص الأول : قال في الرياض النضرة (١) في ذكر بيعة علي رضياللهعنه :
وعن عائشة أنّ علي بن أبي طالب مكث ستة أشهر حتى توفيت فاطمة رضياللهعنها لم يبايع أبا بكر ، ولا بايعه أحد من بني هاشم حتى بايعه علي ....
_____________________
١ ـ الرياض النضرة ١ : ١٦٨.