فأمّا مذهب المرتضى في خبر الواحد ، فإنّه قولٌ انفرد به عن سائر الشيعة ، لأنّ من قبله من فقهائهم ما عوّلوا في الفقه إلّا على أخبار الآحاد كزرارة ، ويونس ، وأبي بصير ، وابني بابويه ، والحلبي ، وابي جعفر القمّي وغيرهم ، ثمّ من كان في عصر المرتضى منهم كأبي جعفر الطوسي وغيره ، وقد تكلّمت في ( اعتبار الذريعة ) على ما اعتمد عليه في هذه المسألة ، وأمّا تخصيص الكتاب بخبر الواحد فالظاهر أنّه إذا صحّ كون خبر الواحد حجة في الشرع ، جاز تخصيص الكتاب به ، وهذا من فنّ أصول الفقه ، فلا معنى لذكره هنا.
قال المرتضى رضياللهعنه : وهذا يسقط قول صاحب الكتاب : إنّ شاهدين لو شهدا أنّ في التركة حقاً لكان يجب أن ينصرف عن الإرث ، وذلك لأنّ الشهادة وإن كانت مظنونةً فالعمل بها يستند إلى علم ، لأنّ الشريعة قد قررت العمل بالشهادة ولم تقرر العمل بخبر الواحد ، وليس له أن يقيس خبر الواحد على الشهادة من حيث اجتمعا في غلبة الظن ، لأنّا لا نعمل على الشهادة من حيث غلبة الظنّ ، دون ما ذكرناه من تقرير الشريعة العمل بها ؛ ألا ترى أنّا قد نظنّ بصدق الفاسق والمرأة والصبي وكثير ممّن لا يجوز العمل بقوله ! فبان أن المعوّل في هذا على المصلحة الّتي نستفيدها على طريق الجملة من دليل الشرع.
قال : وأبو بكر في حكم المدعي لنفسه ، والجارّ إليها بخلاف ما ظنّه صاحب الكتاب ، وكذلك من شهد له إن كانت هناك شهادة ، وذلك أنّ أبا بكر وسائر المسلمين سوى أهل بيت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يحلّ لهم الصدقة ، ويجوز أن يصيبوا فيها ، وهذه تهمة في الحكم والشهادة.
قال : وليس له أن يقول : فهذا يقتضي ألا يقبل شهادة شاهدين في تركةٍ فيها صدقة لمثل ما ذكرتم. قال : وذلك لأنّ الشاهدين إذا شهدا في الصدقة فحظّهما منها كحظ صاحب الميراث بل سائر المسلمين ، وليس كذلك حال تركة الرسول لأنّ كونها صدقة يحرمها على ورثته ، ويبيحها لسائر المسلمين.