قلت : هذا فرق غير مؤثر ، اللهم إلّا أن يعني به تهمة أبي بكر والشهود الستة في جر النفع إلى أنفسهم يكون أكثر من تهمتهم لو شهدوا على أبي هريرة مثلاً أنّ ما تركه صدقة لأن أهل أبي هريرة يشاركون في القسمة ، وأهل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يشاركون الشهود فيما يصيبهم ، إذ هم لا تحلّ لهم الصدقة ، فتكون حصّة أبي بكر والشهود ممّا تركه رسول الله أكثر من حصتهم مما يتركه أبو هريرة ، فيكون تطرّق التهمة إلى أبي بكر والشهود أكثر حسب زيادة حصتهم.
وما وقفت للمرتضى على شيء أطرف من هذا ، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مات والمسلمون أكثر من خمسين ألف إنسان ، لأنّه قاد في غزاة تبوك عشرين ألفاً ، ثمّ وفدت إليه الوفود كلّها بعد ذلك ، فليت شعري كم مقدار ما يتوفر على أبي بكر وستة نفر معه ، وهم من جملة خمسين ألفاً ، بين ما إذا كان بنو هاشم وبنو المطّلب ـ وهم حينئذٍ عشرة نفر ـ لا يأخذون حصة ، وبين ما إذا كانوا يأخذون ! أترى أيكون المتوفّر على أبي بكر وشهوده من التركة عشر عشر درهم ! ما أظنّ أنّه يبلغ ذلك ، وكم مقدار ما يقلل حصص الشهود على أبي هريرة إذا شركهم أهله في التركة ، لتكون هذه القلّة موجبةً رفع التهمة ، وتلك الزيادة والكثرة موجبة حصول التهمة ! وهذا الكلام لا أرتضيه للمرتضى (١).
قال المرتضى رضياللهعنه : وأما قوله : يخصّ القرآن بالخبر كما خصصناه في العبد والقاتل ، فليس بشيء ، لأنّا إنّما خصصنا من ذكر بدليل مقطوع عليه معلوم ، وليس هذا موجوداً في الخبر الّذي ادّعاه.
_____________________
١ ـ سفسطة كلام وجعجعة من غير طحين. فإن المرتضى رحمهالله إنّما وجّه كلامه رداً على قاضي القضاة في ان أبا بكر ومن شهد له على الخبر ، إنّما هم يجرّون نفعاً بدفعهم أهل البيت عليهمالسلام عن حقهم ، سواء كان ذلك النفع مادياً ولو كان عشر عشر درهم ـ كما زعم ابن أبي الحديد ـ أو معنوياً وهو المطلوب لهم أولاً وبالذات ، على انّ أبا بكر أظهر وجه خصومته في زعمه ان أمر صدقات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم راجع إلى ولي الأمر بعده وأنه وليّه ، وهذا مكسبٌ عظيم وإن فرض غناه لأنها فدك ، وهو وليّ أمر الصدقات يعطي من يشاء ويمنع من يشاء.