ولا خلاف بين المسلمين أنّ من ردّ على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله بعد موته مات مرتداً ، فكيف الحال بمن ردّ عليه في حياته حتى أغضبه فطرده ، ثم صعد المنبر فلعنه ؟
ولا خلاف بين المسلمين أنّ الله سبحانه قال في كتابه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (١).
ومع ذلك يقول علماء التبرير : ( وأما الاختلافات الواقعة في حال مرضه وبعد وفاته بين الصحابة فهي اختلافات اجتهادية كما قيل ، كان غرضهم فيها إقامة مراسم الشرع وإدامة مناهج الدين ).
فاقرأ ولا تعجب ، فلعلماء التبرير من التحوير والتطوير وحتى التزوير ، ما فاق التصوير وقصر عنه التفكير : ( إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ) (٢).
وأما النص الثالث وهو الخلاف الخامس في الامامة ، وهو ـ كما قال ـ أعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة ، إذ ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الإمامة في كل زمان.
ثم ذكر اختلاف المهاجرين والأنصار فيها ، إلى أن قال عن عمر : فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام مددت يدي إليه ـ إلى أبي بكر ـ فبايعته وبايعه الناس وسكنت النائرة ، إلّا أنّ بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرّها ... إلى آخر كلام عمر ، وقد مرّ نحوه عند البخاري وغيره.
واللافت للنظر أنّ الشهرستاني راوغ في آخر كلامه حين قال : ثم لمّا عاد إلى المسجد انثال الناس عليه وبايعوه عن رغبة ، سوى جماعة من بني هاشم ، وأبي
_____________________
١ ـ الأنفال : ٢٤ ـ ٢٥.
٢ ـ العاديات : ١١.