له أن يقول ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ) (١) ، وفي طرد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم دليل على عظيم مخالفتهم ، مع قوله تعالى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) (٢).
وزاد الأمر وضوحاً قول ابن عباس ـ وهو حبر الأمة وترجمان القرآن ـ : « الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » ، ولو كان الاختلاف واللغط والتنازع اجتهاداً كما يزعمون ، لفهمه ابن عباس قبل المعذّرين ، ولما جعل تلك المخالفة ومنع عمر رزية وقال : الرزية كل الرزية ، مع بكائه الشديد حتى يبل دمعه الحصباء ، وهذا مما أخرجه البخاري ولم يذكره الشهرستاني.
وما ورد في النص الثاني من لعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن تخلّف عن جيش أسامة ، فيه أقسى الإنذار بالعقوبة ، والله سبحانه يقول : ( الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) (٣).
ومع ذلك فقد تخلّف من تخلف ، وكان منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وآخرين من المهاجرين ذكرهم المؤرّخون ، كما أنّ فيهم من الأنصار قتادة بن النعمان ، وسلمة بن أسلم ، وأسيد بن حضير ، وبشير بن سعد من الأنصار ، وأصحاب هذه الأسماء يجدهم القارئ هم الذين تولوا الهجوم على بيت فاطمة عليهاالسلام ، راجع بشأن هؤلاء : طبقات ابن سعد ، وتاريخ اليعقوبي ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ، وفتح الباري لابن حجر ، وكنز العمال (٤).
_____________________
١ ـ الكهف : ٥.
٢ ـ النور : ٦٣.
٣ ـ الأحزاب : ٥٧.
٤ ـ طبقات ابن سعد ٤ : ٤٦ و ١٣٦ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ٩٣ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ١ : ١٥٩ ، وفتح الباري لابن حجر ٩ : ٢١٨ ـ ٢١٩ ، وكنز العمّال ٥ : ٣١٢.