لم يجعلها سببا لما يخافونه لتطمئن قلوبهم وتسكن نفوسهم الى وحدانية الباري عز شأنه فيترسلون في أعمالهم ولا يحذرون من وخامة العاقبة فلا ينبغي للانسان التوقف في أعماله متكلا على هذه الأمور التي لا يقام لها وزن في جنب الإرادة الإلهية.
ثم من لطف الشارع بالأمة جعل لهم أسبابا يكون قيامهم بها منجاة من وخامة ما يتطيرون منه فأرشدهم إلى أن التوكل على الله يذهب ما يخاف من الطيرة (١٤) ، والصدقة تدفع الأضرار الموهومة (١٥) ، والدعاء عند السفر منجاة من الشر كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام عند خروجه إلى النهروان :
|
« اللهم لا طير إلا طيرك ، ولا ضير الا ضيرك ، ولا خير إلاّ خيرك ، ولا إله غيرك (١٦) ». |
أو كما قال موسى بن جعفر عليهالسلام :
|
« اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك (١٧) ». |
وكما صدر من الشارع نفي الطيرة أخبر عن حسن الفأل بالأسماء الحسنة ، والسر فيه أن التفأل يوجب النشاط في العمل والمضي في المقصد وهو الذي يريده المولى سبحانه من العباد.
فالتطيّر بما أنه تشاؤم من المرئي أو المسموع يكون قاطعا للعبد عن مقام « إياك نستعين » وفاتحا على نفسه باب الخوف بغير الله ومن هنا أطلق عليه الشرك وتبرّأ منه النبي وأهل بيته فقالوا : « ما منا من يتطير. »
وأما الفأل فيحث أنه من الأشياء السارة للقلوب المؤيدة للآمال ، الفاتحة باب الرجاء المسكنة للخوف ، الرابطة للجأش الباعثة على الإستعانة بالله والتوكل عليه ، المفضية بصاحبها الى الطاعة والتوحيد حرّض عليه النبي وأحبه فقال صلىاللهعليهوآله :
« لا طيرة وخيرها الفأل ».
__________________
١٤) الوسائل ج٢ ص١٨٠ عين الدولة.
١٥) المصدر ص١٨٢.
١٦) أمالي الصدوق.
١٧) من لا يحضره الفقيه ص١٦٨ ، وشرح النهج الحديدي ج٤ ص٤٣١.