الفعل إليها. قال ابن عباس : لما أتى أبوجهل رسول الله (ص) انتهره رسول الله (ص) ، فقال أبوجهل : أتنهرني يا محمد؟ (١) فوالله لقد علمت مابها ـ أي بمكة ـ أحد أكثر ناديا مني ، فأنزل الله سبحانه : « فليدع ناديه » وهذا وعيد ، أي فليدع أهل ناديه ومجلسه يعنى عشيرته فلينتصر بهم إذا حل عقاب الله به « سندع الزبانية » يعني الملائكة الموكلين بالنار وهم الملائكة الغلاط الشداد.
وفي قوله تعالى : « كلالو تعلمون علم اليقين » أي لوتعلمون الامر علما يقينا لشغلكم ما تعلمون عن التفاخر والتباهي بالعز والكثرة ، ثم استأنف سبحانه وعيدا آخر فقال : « لترون الجحيم » على نية القسم يعني حين تبر زالجحيم في القيامة قبل دخولهم إليها « ثم لترونها » يعني بعد الدخول إليها « عين اليقين » كما يقال : حق اليقين ، ومحض اليقين ، معناه : ثم لترونها بالمشاهدة إذا دخلتموها وعذبتم بها.
وفي قولة تعالى : « لينبذن في الحطمة » أي ليطرحن من وصفناه في الحطمة ، وهي اسم من أسماء جهنم ، قال مقاتل : وهي تحطم العظام وتأكل اللحوم حتى تهجم على القلوب. ثم قال : « وما أدريك ما الحطمة » تفخيما لامرها ، ثم فسرها بقوله : « نارالله الموقدة » أي المؤججة ، أضافها سبحانه إلى نفسه ليعلم أنها ليست كسائر النيران ، ثم وصفها بالا يقاد على الدوام « التي تطلع على الافئدة » أي تشرف على القلوب فتبلغها ألمها وحريقها ، وقيل : معناه أن هذه النار تخرج من الباطن إلى الظاهر خلاف نيران الدنيا « إنهاعليهم مؤصدة » يعني إنها على أهلها مطبقة تطبق أبوابها عليهم تأكيدا للا ياس عن الخروج « في عمد ممددة » وهي جمع عمود ، وقال أبوعبيدة : كلاهما جمع عماد ، قال : وهي أو تاد الاطباق التي تطبق على أهل النار ، وقال مقاتل : أطبقت الابواب عليهم ، ثم شدت بأوتاد من حديد من نار حتى يرجع عليهم غمهاو حرها ، فلا يفتح عليهم باب ، ولا يدخل عليهم روح ، وقال الحسن : يعني عمدالسرادق في قوله : « أحاط بهم سرادقها » (٢) فإذا مدت تلك العمد أطبقت جهنم على أهلها
____________________
(١) في التفسير المطبوع : أتنتهرنى يا محمد.
(٢) الكهف : ٢٩.