« قال » أي فيقول الله لهم : « لا تختصموا لدي » أي لا يخاصم بعضكم بعضا عندي « وقد قدمت إليكم بالوعيد » في دار التكليف فلم تنز جروا وخالفتم أمري « مايبدل القول لدي » المعنى أن الذي قد مته لكم في دارالدنيا من أني اعاقب من جحدنى وكذب رسلي وخالف أمري لا يبدل بغيره ، ولا يكون خلافه « وما أنا بظلام للعبيد » أي لست بظالم أحدا في عقابي لمن استحقة ، بل هوالظالم لنفسه بارتكابه المعاصي التي استحق بها ذلك « يوم نقول لجهنم هل امتلات » متعلق بقوله : « مايبدل القول » أو بتقدير اذكر « وتقول » جهنم « هل من مزيد » قال أنس : طلبت الزيادة ، وقال مجاهد : المعنى معنى الكفاية ، أي لم يبق مزيد لا متلائها ، ويدل على هذا القول قوله : « لاملان جهنم من الجنة والناس أجمعين » وقيل في الوجه الاول : إن هذا القول منها كان قبل دخول جميع أهل النار فيها ، ويجوز أن تكون تطلب الزيادة على أن يزاد في سعتها ، كما جاء عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قيل له يوم فتح مكة : ألا تنزل دارك؟ فقال (ص) : وهل ترك لنا عقيل من دار؟ لانه باع دور بني هاشم لما خرجوا إلى المدينة ، فعلى هذا يكون المعنى : وهل بقي زيادة؟.
فأما الوجه في كلام جهنم فقيل فيه وجوه : أحدها : أنه خرج مخرج المثل ، أي أن جهنم من سعتها وعظمها بمنزلة الناطقة التي إذا قيل لها : هل امتلات؟ تقول : لم أمتل وبقي في سعة كثيرة.
وثانيها : أن الله سبحانه يخلق لجهنم آلة الكلام فتتكلم ، وهذا غير منكر لان من أنطق الايدي والجوارح والجلود قادر على أن ينطق جهنم.
وثالثها : أنه خطاب لخزنة جهنم على وجه التقرير لهم : هل امتلات جهنم؟ فيقولون : بلى لم يبق موضع لمزيد ، ليعلم الخلق صدق وعده ، عن الحسن ، قال : معناه : مامن مزيد ، أي لا مزيد.
وفي قوله تعالى : « يوم يدعون
» أي يدفعون « إلى نارجهنم دعا » أى دفعا بعنف
وجفوة ، قال مقاتل : هو أن تغل أيديهم إلى أعناقهم ، وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم ، ثم يدفعون إلى جهنم دفعا على وجوههم ، حتى إذا دنوا قال لهم خزنتها : « هذه النار
التي