صبوا فوق رأسه » قال مقاتل : إن خازن النار يمر به على رأسه فيذهب رأسه عن دماغة ، ثم يصب فيه « من عذاب الحميم » وهو الماء الذي قد انتهى حره ، ويقول له : « ذق إنك أنت العزيزالكريم » وذلك أنه كان يقول : أنا أعز أهل الوادي وأكرمهم ، فيقول له الملك : ذق العذاب أيها المتعزز المتكرم في زعمك وفيما كنت تقوله ، وقيل : إنه على معنى النقيض ، فكأنه قيل : إنك أنت الذليل المهين ، إلا أنه قيل على هذا الوجه للا ستخفاف به ، وقيل : معناه إنك أنت العزيز في قومك الكريم عليهم فما أغنى عنك ذلك « إن هذا ماكنتم به تمترون » أي ثم يقال لهم : إن العذاب ما كنتم تشكون فيه في الدنيا.
وفي قوله تعالى : « من ورائهم جهنم » أي من وراء ماهم فيه من التعزز بالمال والدنيا جهنم « ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا » أي لا يغني عنهم ما حصلوه وجمعوه من المال والولد شيئا من عذاب الله « ولا ما اتخذوامن دون الله أولياء » من الآلهة التي عبدوها لتكون شفعاء هم عندالله « هذاهدى » أي هذا القرآن الذي تلوناه والحديث الذي ذكرناه دلا لة موصلة إلى الفرق بين الحق والباطل. والرجز : العذاب.
وفي قوله : « ويوم يعرض الذين كفروا على النار » يعني يوم القيامة ، أي يدخلون النار ، كما يقال : عرض فلان على السوط ، وقيل : معناه عرض عليهم النار قبل أن يدخلوها ليروا أهوالها « أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا » أي فيقال لهم : آثرتم طيباتكم ولذاتكم في الدنيا على طيبات الجنة « واستمتعتم بها » أي انتفعتم بها منهمكين فيها ، وقيل : هي الطيبات من الرزق ، يقول : أنفقتموها في شهواتكم وفي ملاذ الدنيا ، ولم تنفقوها في مرضات الله « فاليوم تجزون عذاب الهون » أي العذاب الذي فيه الذل والخزي والهوان « بماكنتم تستكبرون في الارض » أي باستكباركم عن الانقياد للحق في الدنيا « وبماكنتم تفسقون » أي وبخرو جكم عن طاعة الله إلى معاصيه.
وفي قوله : « ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق » أي يقال لهم على وجه الا حتجاج عليهم : أليس هذا الذي جوزيتم به حق (١) لا ظلم فيه؟ « قالوا » أي فيقولون : « بلى وربنا » اعترفوا بذلك وحلفوا عليه بعد ما كانوا منكرين « قال
____________________
(١) كذا في المجمع. والظاهر : حقا.