أي فرش ومهد منها ، وقيل : إنما سمي ماتحتهم ظللا لانها ظلل لمن تحتهم ، إذ النار أدراك وهم بين أطباقها ، وقيل : إنما اجري اسم الظلل على قعط النار على سبيل التوسع والمجاز ، لانها في مقابلة ما لاهل الجنة من الظلل ، والمراد أن النار تحيط بجوانبهم.
وفي قوله : « أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار » اختلف في تقديره فقيل : معناه : أفمن وجب عليه وعيدالله بالعقاب الله أفأنت تخلصه من النار؟ فاكتفى بذكر من في النار عن الضمير العائد إلى المبتدأ ، وقيل : تقديره : أفأنت تنقذ من في النار منهم؟ واتي بالا ستفهام مرتين تو كيدا للتنبيه على المعنى ، وقال ابن الانباري : الوقف على قوله : « كلمة العذاب » والتقدير : كمن وجبت له الجنة ، ثم يبتدئ « أفأنت تنقذ » وأراد بكلمة العذاب قوله : « لاملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ». (١)
وفي قوله تعالى : « أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة » تقديره : أفحال من يدفع عذاب الله بوجهه يوم القيامة كحال من يأتي آمنا لا يمسه النار ، وإنما قال : « بوجهه » لان الوجه أعز اعضاء الانسان؟ وقيل : معناه : أم من يلقى منكوسا ، فأول عضو منه مسته النار وجهه ، ومعنى يتقي يتوقى « وقيل للظالمين » يقوله خزنة النار.
وفي قوله : « إن الذين كفروا ينادون » أي تناديهم الملائكة يوم القيامة : « لمقت الله أكبر » المقت أشد العداوة والبغض ، المعنى أنهم لما رأوا أعمالهم ونظروا في كتابهم وادخلوا النار مقتوا أنفسهم لسوء صنيعهم ، فنودوا : لمقت الله إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الايمان فتكفرون أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم ، وقيل : إنهم لما تركوا الا يمان وصاروا إلى الكفر فقد مقتوا أنفسهم أعظم المقت ، ثم حكى سبحانه عن الكفار الذين تقدم وصفهم بعد حصولهم في النار بأنهم قالوا : « ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين » اختلف في معناه على وجوه : أحدها أن الاماتة الاولى
____________________
(٢) ص : ٨٥.