وظاهره من قبله العذاب » أي من قبل ذلك الظاهر وهو النار ، وقيل : « باطنه » أي باطن ذلك السور « فيه الرحمة » أي الجنة التي فيها المؤمنون « وظاهره » أي وخارج السور « من قبله » يأتيهم « العذاب » يعني أن المؤمنين يسبقونهم ويدخلون الجنة ، والمنافقين يجعلون في النار والعذاب ، وبينهم السور الذي ذكره الله « ينادونهم » أي ينادي المنافقون المؤمنين « ألم نكن معكم في الدنيا » نصوم ونصلي كما نصومون وتصلون ونعمل كما تعملون؟ « قالوا » أي المؤمنون : « بلى » كنتم معنا « ولكنكم فتنتم أنفسكم » أي استعملتموها في الكفر والنفاق ، وقيل : تعرضتم للفتنة بالكفر والرجوع عن الاسلام ، وقيل : معناه : أهلكتم أنفسكم بالنفاق « وتربصتم » بمحمد صلىاللهعليهوآله الموت وقلتم يوشك أن يموت فنستريح منه ، وقيل : تربصتم بالمؤمنين الدوائر « وارتبتم » أي شككتم في الدين « وغرتكم الاماني » التي تمنيتموها بأن تعود الدائرة على المؤمنين « حتى جاء أمر الله » أي الموت ، وقيل : إلقاؤهم في النار ، وقيل : جاء أمر الله في نصرة دينه و نبيه وغلبته عليكم « وغركم بالله الغرور » يعني الشيطان غركم بحلم الله وإمهاله وقيل : الغرور : الدنيا « فاليوم لا يؤخذ منكم فدية » أيها المنافقون ، أي بدل ، بأن تفدوا أنفسكم من العذاب : « ولا من الذين كفروا » مظهرين له « مأويكم النار » أي مقركم « هي مولاكم(١) » أي أولى بكم لما أفتم من الذنوب ، والمعنى أنها هي التي تلي عليكم لانها قد ملكت أمركم فهي أولى لكم من كل شئ « وبئس المصير » أي بئس المأوى والمرجع الذي تصيرون إليه.
وفي قوله تعالى : « فيحلفون له » أي يقسمون لله « كما يحلفون لكم » في دار الدنيا بأنهم كانوا مؤمنين في الدنيا في اعتقادهم وظنهم ، لانهم كانوا يعتقدون أن ماهم عليه هو الحق « ويحسبون أنهم على شئ » أي ويحسب المنافقون في الدنيا أنهم مهتدون لان في الآخرة تزول الشكوك ، وقال الحسن : في القيامة مواطن فموطن يعرفون فيه قبح الكذب ضرورة فيتركونه ، وموطن يكونون فيه كالمدهوش فيتكلمون بكلام الصبيان
____________________
(١) قال الشريف الرضى : معنى مولاكم أي أملك بكم وأولى بأخذكم ، وهذا بمعنى المولى من طريق الرق لا المولى من جهة العتق فكان النار ـ نعوذ بالله منها ـ تملكهم رقا ولا تحررهم عتقا.