الكذب وغير الكذب « ويحسبون أنهم على شئ » في ذلك الموضع الذي يحلفون فيه بالكذب « ألا إنهم هم الكاذبون » في أيمانهم وأقوالهم في الدنيا ، وقيل : معناه : اولئك الخائبون ، كما يقال : كذب ظنه أي خاب أمله.
وفي قوله سبحانه : « فلما رأوه زلفة » : أي فلما رأوا العذاب قريبا يعني يوم بدر ، وقيل : معاينة ، وقيل : إن اللفظ ماض والمراد به المستقبل ، والمعنى : إذا بعثوا ورأوا القيامة قد قامت ورأوا ما أعد الله لهم من العذاب ، وهذا قول أكثر المفسرين « سيئت وجوه الذين كفروا » أي اسودت وجوههم وعليها الكأبة يعني قبحت وجوههم بالسواد ، وقيل : معناه : ظهر على وجوههم آثار الغم والحسرة ونالهم السوء والخزي آ « وقيل » لهؤلاء الكفار إذا شاهدوا العذاب : « هذا الذي كنتم به تدعون » قال الفراء : (١) تدعون وتدعون واحد ، مثل تدخرون وتذخرون ، والمعنى : كنتم به تستعجلون و تدعون الله بتعجيله ، وهو قولهم : « إن كان هذا هو الحق من عندك » الآية ، وقيل : هو من الدعوى أي تدعون أن لا جنة ولا نار ، وروى الحاكم أبوالقاسم الحسكاني بالاسانيد الصحيحة عن شريك ، عن الاعمش قال : لما رأوا ما لعلي بن أبي طالب عليهالسلام من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا. وعن أبي جعفر عليهالسلام قال : فلما رأوا مكان على عليهالسلام من النبي صلىاللهعليهوآله سئيت وجوه الذين كفروا يعني الذين كذبوا بفضله.
وفي قوله تعالى : « وجوه يومئذ ناضرة » : أي ناعمة بهجة حسنة ، وقيل : مسرورة ، وقيل : مضيئة بيض يعلوها النور ، جعل الله سبحانه وجوه المؤمنين المستحقين للثواب بهذه الصفة علامة للخلق والملائكة على أنهم الفائزون « إلى ربها ناظرة » اختلف فيه على وجهين : أحدهما أن معناه نظر العين ، والثاني أنه الانتظار ، فعلى الاول المراد : إلى ثواب ربها ناظرة أي هي ناظرة إلى نعيم الجنة حالا بعد حال فيزداد بذلك سرورها ،
____________________
(١) بفتح الفاء وتشديد الراء ، قيل له الفراء لانه يفرى الكلام ، هو أبوزكريا يحيى بن زياد بن عبدالله الفراء الكوفى اللغوى ، سكن بغداد وحدث بكتبه ، حدث عن قيس بن الربيع ومندل ابن على والكسائى وغيرهم ، روى عنه سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم السمرى وغيرهما ، وكان ثقة إماما ، وكان هو ومحمد بن الحسن الشيبانى ابنى خاله ، مات سنة ٢٠٩ عن ٦٣ سنة. قاله ابن الاثير في اللباب ج ٢ ص ١٩٨ ، وقال ابن حجر مات سنة ٢٠٧.