فيه ، وقيل : نورهم هداهم ، وقال قتادة : (١) إن المؤمن يضيئ له نوره كما بين عدن إلى صنعاء ودون ذلك حتى أن من المؤمنين من لا يضيئ له نوره إلا موضع قدميه ، وقال : عبدالله بن مسعود : يؤتون نورهم على قدر أعمالهم ، فمنهم من نوره قدر الجبل ، وأدناهم نورا نوره على إبهامه يطفئ مرة ويقد اخرى ، وقال الضحاك ، « وبأيمانهم » يعني كتبهم التي اعطوها ، ونورهم بين أيديهم ، وتقول لهم الملائكة : « بشريكم اليوم » أي الذي يبشرون به فيه.
قوله : « انظرونا نقتبس من نوركم » قال الكلبي : (٢) يستضيئ المنافقون بنور المؤمنين ولا يعطون النور ، فإذا سبقهم المؤمنون قالوا : انظرونا نقتبس من نوركم أي نستضيئ بنوركم ونبصر الطريق فنتخلص من هذه الظلمات ، وقيل : إنهم إذا خرجوا من قبورهم اختلطوا فيسعى المنافقون في نور المؤمنين ، فإذا ميزوا بقوا في الظلمة فيستغيثون ويقولون هذا القول « قيل » أي فيقال للمنافقين : « ارجعوا وراءكم » أي ارجعوا إلى المحشر حيث اعطينا النور « فالتمسوا نورا » فيرجعون فلا يجدون نورا ، عن ابن عباس وذلك أنه قال : يغشى الجميع ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ، ويترك الكافر والمنافق.
وقيل : معنى قوله : « ارجعوا وراءكم » : ارجعوا إلى الدنيا إن أمكنكم فاطلبوا النور منها ، فإنا حملنا النور منها بالايمان والطاعات ، وعند ذلك يقول المؤمنون : « ربنا أتم لنا نورنا » « فضرب بينهم بسور » أي ضرب بين المؤمنين والمنافقين سور ، و الباء مزيدة لان المعنى : حيل بينهم وبينهم بسور ، وهو حائط بين الجنة والنار عن قتادة ، وقيل : هو سور على الحقيقة « له باب » أي لذلك السور باب « باطنه فيه الرحمة
____________________
(١) هو قنادة بن دعامة بن قتادة السدوسى أبوالخطاب البصرى ، تابعى يروى عن أنس وابن المسيب والحسن البصرى وغيرهم ، وروى عنه سعيد بن أبي عروبة وغيره : وكان ثقة مدلسا! توفي سنة ١١٧ عن ٥٦ سنة ، قاله ابن الاثير في اللباب « ج ١ ص ٥٣٧ ».
(٢) منسوب إلى كلب بن وبرة بن قضاعة ، وهو محمد بن السائب الكلبى الكوفي أبوالنضر صاحب التفسير ، المتوفي سنة ٢٤٦ ، وابنه أبوالمنذر هشام بن محمد السائب توفى سنة أربع أو ست و مائتين ، وهما من مفاخر العرب في الاخبار والتاريخ والتفسير والنسب ، وكانا يختصان بالشيعة.