الدَّالُّ على كَمِيَّةِ أَفرادِ المَوضُوعِ ؛ تشبيهاً لَهُ بسُورِ البَلَدِ في الإِحاطَةِ والحَصْرِ.
المثل
( أَلَا مَنْ يَشْتَرِي سَهَراً بِنَوْمٍ ) (١) أَوَّلُ مَنْ قالَ ذلكَ ذُو رُعَيْنٍ الحِمْيرِيُّ ، وذلِكَ أَنَّ حِمْيَرَ تفرَّقت على مَلِكِها حَسَّانَ وخَالَفَتْهُ لسُوءِ سِيرتِهِ ومالَتْ إلى أَخيه عَمرُو وحَمَلَتْهُ على قَتْلِهِ والقِيامِ مقامَهُ ، ووَ عَدُوهُ حُسْنَ الطَّاعَةِ ، فنَهَاه ذُو رُعَيْنٍ عن ذلك وَحذَّرَهُ سُوءَ عاقِبةِ الغَدْرِ ، فلمَّا رآهُ لا ينتهي قال بَيتينِ وكتَبَهُما في صَحِيفَةٍ وخَتَمَها بخاتِمِ عَمْروٍ وجاءَ بِها إلَيهِ ، وقالَ : هذِهِ وَديعَةٌ لي عندَك إلى أَن أَطلُبَها ، فأَمر عَمرو برَفْعِها إلى خِزانَتِهِ ، فلمَّا قتَلَ أَخاهُ وجلَسَ مكانَهُ مُنعَ مِنَ النَّوم وسُلِّطَ عليه السَّهَرُ ، فلمَّا اشتدَّ به ذلكَ دعا كُلَّ طبيبٍ وكاهِنٍ ومُنَجِّمٍ وشَكى إِليهمِ ما بِهِ ، فقالوا : إنَّهُ ما قَتَلَ رجُلٌ أَخاهُ على نَحْوِ ما قَتَلْتَ أَخاكَ إِلاَّ أَصابَهُ ما أَصابَكَ مِنَ السَّهَرِ ، فلمَّا سمِعَ ذلِكَ مِنهُم أَقبَلَ على كُلِّ مَن أشارَ عَلَيْهِ بقَتْلِ أَخيهِ فقَتَلَهُم حتَّى أَفناهُم ، فلمَّا وصلَ إِلى ذي رُعَينٍ قالَ لهُ : أَيُّها المَلِكُ إنَّ لِي عِندَكَ براءةً تمنَعُك من قَتلِي ، قال : وما هِيَ؟ قال : مُرْ خَازِنَكَ أن يُخْرِجَ الصَّحيفةَ الَّتي اسْتَوْدَعْتُكَهَا ، فدَعَا بالصَّحيفةِ وفضَّها فإِذا فِيها :
أَلَا مَنْ
يَشْتَرِي سَهَراً بِنَوْمٍ |
|
سَعِيدٌ مَنْ
يَبِيتُ قَرِيرَ عَيْنِ |
فَإِمَّا
حِمْيَرُ غَدَرَتْ فخَابَتْ |
|
فَمَعْذِرَةُ
الإِلهِ لِذِي رُعَيْنِ |
ثُمَّ قالَ قَدْ نَهَيتُكَ عَنْ قَتْلِ أَخيكَ وعَلِمْتُ أنَّك إِنْ فَعَلْتَ أَصابَكَ ما أَصابَكَ وكَتَبْتُ هذينِ البَيتينِ بَراءَةً لِي عِنْدَكَ ، فقبِلَ ذلكَ مِنهُ ولَم يَتَعَرَّضْ لَهُ. يُضرَبُ لِمَنْ غَمَطَ النِّعْمَةَ وكَرِهَ العافِيَةَ.
سير
سَارَ يَسِيرُ سَيْراً ، وَمَسِيراً ، وَمَسِيرَةً
__________________
(١) مجمع الأمثال ١ : ٧٣ / ٣٦٣.