الكتاب
( لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ) (١) في « ل وح ».
( فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا ) (٢) تَصَوَّرَ لها في صَوَرةِ آدَميٍّ سَوِيِّ الخَلْقِ تَامَّهُ لم يَنْتَقِصْ من صُوَرةِ الآدَميَّةِ شَيئاً ، أَو حَسَنِ الصُّوَرةِ مُسْتَوِي الخَلْقِ.
( ما هذا بَشَراً ) (٣) ليسَ صُوَرتُهُ صُوَرةَ البَشَرِ ولا خِلْقَتُهُ خِلْقَةَ البَشَرِ ، ولكِنَّهُ مَلَكٌ كَريمٌ للطَافَتِهِ وحُسْنِهِ بِناءً على مَا رَكَنَ فِي العُقولِ أَن لا حَيَّ أَحسَنُ من المَلَكِ ولا أَقبَحُ من الشَّيطانِ.
( يا بُشْرى هذا غُلامٌ ) (٤) أَي يا بِشَارَتِي ، نَاداها كأَنَّهُ يَقولُ : تَعَالَيْ فهذا أَوَانُكِ. وقُرِئَ : « يَا بُشْرَايَ » (٥) على إِضافَتِها إِلى نَفْسِهِ. وقِيلَ : « بُشْرَى » اسمُ رَجُلٍ من أَصحابِهِ ناداهُ لِيُعينَهُ على إِخْراجِهِ (٦).
( لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) (٧) البُشْرَى في الدُّنْيا هي ما بَشَّرَهُمُ اللهُ تعالى بِهِ في غيْرِ مكانٍ من كِتابِهِ كقولهِ : ( يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ ) (٨) و : بَشِّرِ( الَّذِينَ آمَنُوا ) (٩) ، أَو هي الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ يَراها المُؤْمِنُ لِنَفْسِهِ أَو تُرَى لَهُ ، أَو هي بِشَارَةُ المَلائكَةِ للمُؤْمِنينَ عِنْدَ مَوْتِهِمْ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ ، وفي الآخِرَةِ تَلَقِّي المَلائكَةَ مُسَلِّمِينَ مُبَشِّرِينَ بالفَوْزِ والكَرامَةِ.
الأثر
( مَنْ أَحَبَّ القُرآنَ فَلْيَبْشُر ) (١٠) كيَنْصُرُ أَو يَفْرَحُ ، يُرِيدُ البِشَارَةَ بالثَّوابِ العَظِيمِ الَّذِي لا يَبْلُغُ كُنْهَهُ وَصْفٌ. وأَرادَ بِقَوْلِهِ : « فَلْيَبْشُرْ » كيَنْصُر : أَنْ يُضَمِّرَ نَفْسَهُ
__________________
(١) المدّثّر : ٢٩.
(٢) مريم : ١٧.
(٣) يوسف : ٣١.
(٤) يوسف : ١٩.
(٥) انظر كتاب السّبعة : ٣٤٧ ، والحجّة لابن خالويه : ١١٠ ، والحجّة للفارسي ٢ : ٤٣٨.
(٦) انظر تفسير الطّبري ١٢ : ٩٩ ـ ١٠٠.
(٧) يونس : ٦٤.
(٨) التّوبة : ٢١.
(٩) البقرة : ٢٥ ، ويونس : ٢.
(١٠) الفائق ١ : ١١٠ ، غريب الحديث لابن الجوزي ١ : ٧٢ ، النّهاية ١ : ١٢٩.